غني في بلده ، ولا فرق بين أن يضيّق على نفسه أو يستعين بغيره (١).
أمّا لو صرف ما دفع إليه في غير مئونة السفر ففيه إشكال ينشأ من أنّه دفع إليه في هذا الوجه ولم يصرفه فيه فيستردّ منه كالغارم ، ومن منع الحكم في الأصل.
والوجه : الأول ، لأنّه دفع إليه لقصد الإعانة فيستردّ اقتصارا على قصد الدافع.
هذا في حقّ المجتاز عند الشيخ (٢) ، وهو الأظهر من مذهبنا ، وعلى قول ابن الجنيد والشافعي (٣) فإنّ الحكم ينسحب عليه وعلى منشئ السفر من بلده.
قال الشيخ : لو كان المنشئ للسفر من بلده فقيرا اعطي من سهم الفقراء لا من سهم أبناء السبيل (٤).
ولو قال : لا مال لي ، اعطي ولم يكلّف بيّنة ، كما تقدّم.
ولو قال : كان لي مال وتلف ، قال الشيخ : لا يقبل إلاّ بالبيّنة (٥).
والوجه : القبول ، لأنّه قد يتعذّر عليه البيّنة فيؤدّي المنع إلى إضراره ، ولأنّه مسلم أخبر بأمر ممكن ، والأصل فيه الصدق ، فيبني عليه إلى أن يظهر المنافي.
إذا ثبت هذا ، فلو تلف المال المدفوع إلى من أخذه مراعى بغير تفريط قبل صرفه في وجهه لم يرجع عليهم بشيء.
__________________
(١) المجموع ٦ : ٢١٦.
(٢) انظر : المبسوط للطوسي ١ : ٢٥٢.
(٣) حيث قالا بإطلاق ابن السبيل على المجتاز والمنشئ للسفر. انظر : المهذب للشيرازي ١ : ١٨٠ ، والمجموع ٦ : ٢١٤ ، وحلية العلماء ٣ : ١٦١ ، والمعتبر للمحقّق الحلّي : ٢٨١ حيث فيه حكاية قول ابن الجنيد.
(٤) المبسوط للطوسي ١ : ٢٥٢.
(٥) المبسوط للطوسي ١ : ٢٥٤.