مسألة ٢١٦ : إذا تسلّف الساعي أو الإمام الزكاة ، فإن كان بغير مسألة أهل السّهمان ولا أرباب الأموال فتلفت في يده ضمن ـ وبه قال الشافعي (١) ـ لأنّهم أهل رشد لا يولّى عليهم ، فإذا قبض لهم بغير إذنهم كان ضامنا ، كالأب يقبض لابنه الكبير بغير إذنه.
لا يقال : الأب ليس له القبض ، وهنا يجوز لحاجتهم.
لأنّا نقول : جواز القبض لا يدفع الضمان.
وقال أبو حنيفة وأحمد : لا يضمن ، لأنّ للإمام ولاية على أهل السّهمان ، فإذا استقرض لهم وتلف في يده من غير تفريط لم يضمن كولي اليتيم (٢).
ونمنع ولاية الإمام إذا لم يكن المالك مانعا ، ويخالف ولي اليتيم ، لأنّه لا إذن للمولّى عليه ، بخلاف أهل السّهمان.
وإن قبضها بسؤال أهل السّهمان فتلفت ( في يده ) (٣) من غير تفريط لم يضمن ، وأجزأت عن رب المال ، لأنّ يده كيدهم إذا نوى في القبض ، والمالك مأمور بالدفع إليه ، فحصل الإجزاء ، للامتثال.
وإن قبضها بسؤال أرباب الأموال فلا ضمان عليه ، لأنّه أمين قبض المال بإذن ربه على سبيل الأمانة ولا تجزئ عن أربابها ، بل تكون من أموالهم ، لأنّه وكيل لهم فيها.
وإن كان بسؤالهما معا قال الشيخ : الأولى أن يكون منهما ، لأنّ كلّ واحد منهما له إذن في ذلك ، ولا ترجيح لأحدهما على صاحبه في ذلك (٤).
__________________
(١) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٤ ، المجموع ٦ : ١٥٨ ، فتح العزيز ٥ : ٥٣٧ ، المغني ٢ : ٥٠٢.
(٢) بدائع الصنائع ٢ : ٥٢ ، المغني ٢ : ٥٠٢ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٨٤ ، فتح العزيز ٥ : ٥٣٧.
(٣) ما بين القوسين لم يرد في « ن ».
(٤) المبسوط للطوسي ١ : ٢٢٨.