وقال بعض الجمهور : الأفضل أن يفرّقها بنفسه ، لما فيه من توفير أجر العمالة وصيانة الحق عن خطر الخيانة ومباشرة تفريج كربة مستحقّها وإغنائه بها ، مع إعطائها الأولى بها من محاويج أقاربه وذوي رحمه وصلة الرحم بها فكان أفضل (١).
ولو تعذّر الصرف إلى الإمام حال الغيبة استحب دفعها إلى الفقيه المأمون من الإمامية ، لأنّه أبصر بمواقعها. ولأنّه إذا دفعها إلى الإمام أو الفقيه برئ لو تلفت قبل التسليم ، لأنّ الإمام أو نائبه كالوكيل لأهل السّهمان ، فجرى مجرى قبض المستحقّ.
مسألة ٢٢٥ : لو طلب الإمام الزكاة منه وجب دفعها إليه إجماعا منّا ، لأنّه معصوم تجب طاعته وتحرم مخالفته ، فلو دفعها المالك إلى المستحقّين بعد طلبه وإمكان دفعها إليه فقولان لعلمائنا : الإجزاء ـ وهو الوجه عندي ـ لأنّه دفع المال إلى مستحقّه ، فخرج عن العهدة ، كالدّين إذا دفعه الى مستحقّه.
وعدمه ، لأنّ الإخراج عبادة لم يوقعها على وجهها ، لوجوب الصرف إلى الإمام بالطلب ، فيبقى في عهدة التكليف. ولا خلاف في أنّه يأثم بذلك.
مسألة ٢٢٦ : الطفل والمجنون إن أوجبنا الزكاة في مالهما أو قلنا باستحبابها فالولي هو المتولّي للإخراج ، وحكم الولي هنا حكم المالك ، إن شاء فرّقها بنفسه ، وإن شاء دفعها إلى الساعي أو إلى الإمام ، وكذا الوكيل في الدفع له أن يدفع إلى الفقراء وإلى الإمام وإلى الساعي.
ولو أمره المالك بالمباشرة ، فإن دفع الى الإمام العادل برئ ، لأنّه أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، وإن دفعها إلى الساعي فالوجه الضمان ، للمخالفة.
مسألة ٢٢٧ : يجب أن ينصب الإمام عاملا لقبض الصدقات ، لأنّه من الأمر بالمعروف ، ومن المصالح التي تشتد الحاجة إليها من الفقراء
__________________
(١) قاله ابنا قدامة في المغني ٢ : ٥٠٦ ـ ٥٠٧ ، والشرح الكبير ٢ : ٦٧٢.