والثاني : الندب (١) ـ وبه قال باقي الفقهاء (٢) ـ عملا بأصالة البراءة ، ولأنّه عليهالسلام لمّا بعث معاذا الى اليمن قال : ( أعلمهم أنّ عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فتردّ في فقرائهم ) (٣) ولم يأمره بالدعاء.
ولأنّ ذلك لا يجب على الفقير المدفوع إليه فالنائب أولى.
وأمّا الاستحباب : فللآية.
ولأنّ عبد الله بن أبي أوفى قال : كان أبي من أصحاب الشجرة ، وكان النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم إذا أتاه قوم بصدقتهم قال : ( اللهم صلّ على آل فلان ) فأتاه أبي بصدقته ، فقال : ( اللهمّ صلّ على آل أبي أوفى ) (٤) والصلاة هنا الدعاء والتبرك.
مسألة ٢٣٦ : يكره أن يملك الإنسان ما تصدّق به اختيارا كالشراء وشبهه من عقود المعاوضات عليه ، ويجوز من غير كراهة تملّكه بميراث وشبهه ، كقبضه في دين إذا دفعه الفقير ، لوجوبه حينئذ.
وليس الأول بحرام عند علمائنا أجمع ـ وبه قال الشافعي وأصحاب الرأي (٥) ـ لقوله عليهالسلام : ( لا تحلّ الصدقة لغني إلاّ لخمسة : رجل
__________________
(١) المبسوط للطوسي ١ : ٢٤٤.
(٢) المغني ٢ : ٥٠٨ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٧٥ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٧٦ ، المجموع ٦ : ١٧١ ، حلية العلماء ٣ : ١٤٧.
(٣) صحيح البخاري ٢ : ١٤٧ ، سنن أبي داود ٢ : ١٠٤ ـ ١٠٥ ـ ١٥٨٤ ، سنن الدارقطني ٢ : ١٣٦ ـ ٤.
(٤) صحيح البخاري ٢ : ١٥٩ و ٨ : ٩٠ و ٩٦ ، صحيح مسلم ٢ : ٧٥٦ ـ ٧٥٧ ـ ١٠٧٨ ، سنن ابن ماجة ١ : ٥٧٢ ـ ١٧٩٦ ، سنن أبي داود ٢ : ١٠٦ ـ ١٥٩٠ ، سنن النسائي ٥ : ٣١ ، مسند أحمد ٤ : ٣٥٣ ، ٣٥٥ ، ٣٨١ ، ٣٨٣ ، سنن البيهقي ٢ : ١٥٢ ، و ٤ : ١٥٧ و ٧ : ٥.
(٥) المجموع ٦ : ٢٤١ ، المغني ٢ : ٥١٣.