واختلف أصحابه في تقديم النية ، فجوّز بعضهم ، لأنّها عبادة تجوز فيها النيابة بغير عذر ، ويجوز تقديمها على وجوبها ، فجاز تقديم النية عليها ـ وهو اختيار أصحاب أبي حنيفة (١) ـ لأنّ ذلك يؤدّي الى إيقاف أجزائه على نية وكيله ، وفي ذلك تغرير بماله مع إجازة النيابة والحاجة إليها.
وقال آخرون : لا يجوز (٢) ، كما قلناه ، لأنّها عبادة تدخل فيها بفعله ، فلا يجوز تقديم النية عليها كالصلاة ، ودخول النيابة لا يقتضي جواز تقديم النية عليها كالحج.
ونمنع جواز تقديمها ، وقد مضى ، سلّمنا ، لكن لا يصلح للعلّية ، ونوجب نية الوكيل أو نيته عند دفعه.
مسألة ٢٤٠ : الزكاة إن فرّقها المالك تولّى النية حالة الدفع.
وإن دفعها إلى وكيله ليفرّقها ، فإن نوى الموكّل حالة الدفع الى الوكيل ، ونوى الوكيل حالة دفعه الى الفقراء ، أجزأ إجماعا.
وإن لم ينويا معا ، بأن ينويا الصدقة دون الزكاة لم يجزئه.
وإن نوى المزكّي حال دفعه إلى الوكيل ولم ينو الوكيل حالة الدفع إلى الفقراء ، لم يجزئه عندنا ، وهو أحد قولي الشافعية بناء على الوجهين في جواز تقديم النية (٣).
ومنهم من قال : يجزئه هنا وجها واحدا ، لأنّه لمّا أجيزت له النيابة جازت النية عند الاستنابة (٤).
وينتقض بالحج ، ولأنّ نية الموكّل لم تقارن الدفع ، فوقع الفعل بغير
__________________
(١) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٧ ، المجموع ٦ : ١٨٢ ، فتح العزيز ٥ : ٥٢٧ ، حلية العلماء ٣ : ١٤٥ ، بدائع الصنائع ٢ : ٤١.
(٢) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٧ ، المجموع ٦ : ١٨١ ، فتح العزيز ٥ : ٥٢٧ ، حلية العلماء ٣ : ١٤٥.
(٣) المجموع ٦ : ١٨٣ ، فتح العزيز ٥ : ٥٢٧ ، حلية العلماء ٣ : ١٤٦.
(٤) المجموع ٦ : ١٨٣ ، فتح العزيز ٥ : ٥٢٧ ، حلية العلماء ٣ : ١٤٦.