كان العيب من فعله ، أو من فعل غيره ، أو من الله تعالى ، لأنّه قبض مضمون أشبه الغاصب.
أمّا لو دفعها إليه بنية الزكاة ولم يعلم المدفوع ، بل ظنّ الهبة والإيداع ، فلا ضمان في العيب من الله تعالى والأجنبي ، ولا في التلف منهما.
و ـ لو كان حال الدفع غنيا ، ثم تجدّد الفقر قبل الاسترداد ، كان للإمام الاسترداد أيضا ، لأنّ الدفع وقع فاسدا ، ويجوز أن يتركها بحالها ، ويحتسبها من الزكاة.
وهل يجب الأخذ ـ لو أراد الترك ـ ثم الدفع؟ إشكال ينشأ من وجوب النية حال الدفع ولم توجد ، لأنّ الدفع الأول باطل ، ومن كون الترك الآن كابتداء الدفع.
مسألة ٢٥٥ : لو دفع رب المال الزكاة إلى الفقير ، فبان غنيّا وقت الدفع ، قال الشيخ : لا ضمان عليه (١) ـ وبه قال الحسن البصري ، وأبو عبيد ، وأبو حنيفة ، والشافعي في أحد القولين ، وأحمد في إحدى الروايتين (٢) ـ لما رواه أبو هريرة عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : ( قال رجل : لأتصدّقنّ بصدقة ، فخرج بصدقته ، فوضعها في يد غني ، فأصبحوا يتحدّثون : تصدّق على غني! فاتي فقيل له : أمّا صدقتك فقد تقبّلت ، لعلّ الغني أن يعتبر فينفق ممّا أعطاه الله ) (٣).
ولأنّه دفعها الى من ظاهره الاستحقاق ، فلم يلزمه الضمان كالإمام.
والقول الثاني للشافعي والرواية الأخرى عن أحمد : وجوب الضمان
__________________
(١) المبسوط للطوسي ١ : ٢٦١.
(٢) المغني ٢ : ٥٢٧ ، الشرح الكبير ٢ : ٧١٤ ، اللباب ١ : ١٥٦ ـ ١٥٧ ، الهداية للمرغيناني ١ : ١١٤ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٨٢ ، المجموع ٦ : ٢٣١ ، حلية العلماء ٣ : ١٧٠.
(٣) صحيح البخاري ٢ : ١٣٧ ـ ١٣٨ ، صحيح مسلم ٢ : ٧٠٩ ـ ١٠٢٢ ، سنن النسائي ٥ : ٥٥ ـ ٥٦ ، سنن البيهقي ٤ : ١٩٢ و ٧ : ٣٤ ، مسند أحمد ٢ : ٣٢٢.