وتضييقا.
وقال بعض علمائنا (١) ـ ونقله الشيخ رحمهالله في الخلاف عن كثير من أصحابنا (٢) ـ : وجوبها على من قدر عليها ، فاضلا عن قوته وقوت عياله ليوم وليلة ـ وبه قال أبو هريرة وأبو العالية والشعبي وعطاء وابن سيرين والزهري ومالك وابن المبارك والشافعي وأحمد وأبو ثور (٣) ـ لقوله عليهالسلام : ( أدّوا صدقة الفطر صاعا من قمح (٤) عن كلّ إنسان ، صغير أو كبير ، حرّ أو مملوك ، غني أو فقير ، ذكر أو أنثى ، أمّا غنيكم فيزكّيه الله ، وأمّا فقيركم فيردّ الله عليه أكثر ممّا أعطى ) (٥).
ولأنّه حقّ مال لا يزيد بزيادة المال ، فلا يعتبر وجود النصاب فيه كالكفّارة.
والحديث نقول بموجبه ، فإنّها تجب على الغني عن الفقير الذي يعوله.
والفرق : أنّها زكاة تطهّر ، فاعتبر فيها المال كزكاة المال ، أمّا الكفّارة فإنّها وجبت لإسقاط الذنب.
مسألة ٢٧٩ : وحدّ الغنى هنا : ما تقدّم في صدقة المال ، وهو : أن يملك قوته وقوت عياله على الاقتصاد حولا ، فمن ملك ذلك ، أو كان له كسب أو صنعة تقوم بأوده وأود عياله مستمرا وزيادة صاع ، وجب عليه دفعها ، لأنّ وجود الكفاية يمنع من أخذ الزكاة ، فتجب عليه ، لقول الصادق عليهالسلام : « من حلّت له لا تحلّ عليه ، ومن حلّت عليه لا تحلّ له » (٦).
__________________
(١) كما في المعتبر : ٢٨٨.
(٢) الخلاف ٢ : ١٤٧ ، المسألة ١٨٣.
(٣) المغني ٢ : ٦٩٥ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٤٨ ، حلية العلماء ٣ : ١٢٥ ، المجموع ٦ : ١١٣ ، بداية المجتهد ١ : ٢٧٩.
(٤) القمح : البرّ. لسان العرب ٢ : ٥٦٥.
(٥) سنن أبي داود ٢ : ١١٤ ـ ١٦١٩ ، سنن الدارقطني ٢ : ١٤٨ ـ ٤١ ، سنن البيهقي ٤ : ١٦٤.
(٦) التهذيب ٤ : ٧٣ ـ ٢٠٣ ، الاستبصار ٢ : ٤١ ـ ١٢٧.