إما أن يكون باعتبار كونه مؤثرا ، أو كان ذلك التأثير حاصلا باعتبار آخر سوى كونه مؤثرا. والقسمان باطلان ، فالقول بالتأثير باطل وإنما قلنا : إنه يمتنع أن يؤثر فيه باعتبار كونه مؤثرا ، وذلك لأن كون الشيء مؤثرا في غيره نسبة مخصوصة بين ذات المؤثر ، وذات الأثر ، والنسبة الحاصلة بين الشيئين متأخرة بالرتبة عن الذاتين (١) ، فيلزم من هذا أن يقال : إن كون المؤثر مؤثرا في ذات الأثر نسبة متأخرة بالرتبة عن ذات الأثر ، فلو حكمنا بأن ذات الأثر إنما وجد (٢) بسبب تلك المؤثرية ، لزم أن تكون هذه المؤثرية متقدمة بالرتبة على ذات الأثر ، وحينئذ يلزم تقدم كل واحد منهما على الآخر ، أعني (٣) المؤثرية ، وذات الأثر وذلك محال ، وأما بيان فساد القسم الثاني ، وهو أن يؤثر المؤثر في الأثر لا باعتبار كونه مؤثرا فيه [فهذا أيضا باطل ، لأنه لو أثر فيه لا باعتبار كونه مؤثرا فيه] (٤) فحينئذ يصير ذلك لا باعتبار المؤثرية ، وحينئذ يلزم الجمع بين النقيضين وهو محال.
الشبهة السادسة عشر : الأثر ما لم يجب وجوده عن المؤثر ، امتنع دخوله في الوجود ، فإن قيل (٥) إن [مؤثر الأثر واجب الصدور عن المؤثر فيكون ممكن الصدور عنه ، وما دام يكون الشيء باقيا على إمكانه] امتنع دخوله [في الوجود] ، فيثبت أن الأثر ما لم يصر واجب الصدور عن المؤثر امتنع دخوله في الوجود ، وإذا ثبت هذا لزم أن يقال : إن صيرورة واجب الصدور عن المؤثر متقدم بالرتبة على دخوله في الوجود ، لكن وجوب صدوره عن المؤثر صفة من صفات وجوده ، والصفة متأخرة بالرتبة عن الموصوف ، فهذا يقتضي تقدم كل واحد من هذين الاعتبارين على الآخر ، وتأخره عنه ، وذلك محال.
الشبهة السابعة عشر : المؤثر يمتنع كونه مؤثرا في الشيء ، إلا إذا كان
__________________
(١) الذات (س).
(٢) وجد (س).
(٣) على (س).
(٤) من (ز).
(٥) عبارة (س) : فإن قيل : أن يعتبر الأثر : ويصير واجبا ، امتنع دخوله في الوجود. فثبت : أن الأثر .. الخ.