عنه؟ وهكذا يكون فيضان كل حادث مشروطا بانقضاء الحادث الذي كان موجودا قبله ، كما هو قول الحكماء.
والجواب عن الشبهة الثالثة عشر : وهي قولهم : «إنه يلزم من عدم الأثر عدم المؤثر، فيلزم أن يكون المبدأ الأول ممكنا لذاته».
فنقول : حق إنه يلزم عدم عند عدم الأثر ، (عدم المؤثر) (١) أما ما ليس بحق : فهو : أن عدم المؤثر إنما حصل من عدم الأثر ، لأن الأثر تابع ، والتابع لا يصير متبوعا ، لا في جانب الوجود ، ولا في جانب العدم ، قوله «هب أن الأمر كذلك ، إلا أن هذا الكلام يقتضي أنه كلما ارتفع الأثر فقد ارتفع المؤثر أولا ، وذلك يقتضي كون المؤثر قابلا للارتفاع» قلنا : ارتفاع الأثر قد يكون لارتفاع المؤثر ، وقد يكون لارتفاع حالة من أحوال ذلك المؤثر ، كانت تلك الحالة شرطا لصدور الأثر عن المؤثر. وعند الحكماء : إن صدور كل (أثر) (٢) حادث عن المؤثر القديم مشروط بانقضاء حادث آخر وجد قبله ، وهكذا لا إلى أول.
والجواب عن الشبهة الرابعة عشر : وهي قولهم «اختصاص النقطة المعينة بالقطبية عند الحكيم ، واختصاص الوقت المعين بحدوث العالم فيه عند المتكلم ، يوجب رجحان أحد طرفي الممكن لا لمرجح» فنقول : إن تعين النقطة المعينة للقطبية تابع للحركة المعينة ، وأما حصول تلك الحركة بعينها ، فيحتمل أن يكون السبب فيه أن المادة الفلكية المعينة لا تقبل إلا ذلك النوع المعين من الحركة. هذا على قول الحكيم.
والجواب عن الشبهة الخامسة عشر : وهي قولهم : «لو أثر شيء في شيء ، لكان المؤثر في ذلك الأثر باعتبار كونه مؤثرا فيه (أولا باعتبار كونه مؤثرا فيه» فنقول : الحق أنه يؤثر لا باعتبار كونه مؤثرا فيه) (٣) بل يؤثر
__________________
(١) من (س).
(٢) من (س).
(٣) من (س).