العلة المؤثرة يجب أن تكون موجودة ، حال وجود المعلول ، أما في [كتاب الإشارات وسائر الكتب ، فلم يذكر هذه المقدمة ، والحق ما ذكره (١) في] كتاب النجاة بالبيان الذي ذكرناه.
وإذا عرفت هذا فنقول : لو لم تكن العلة واجبة الحصول حال حصول المعلول ، لكانت إما أن تكون علة لهذا المعلول ، حال ما كانت تلك العلة موجودة ، أو بعد (٢) أن صارت معدومة ، والأول [باطل (٣)] لأن في تلك الحالة المتقدمة لم يصدر (٤) عنها شيء أصلا ، فامتنع كونها علة ومؤثرة. والثاني باطل ، لأنها في الزمان الثاني قد صارت معدومة ، والمعدوم لا يكون علة للموجود. فإن قيل : لم لا يجوز أن يقال : العلة حال وجودها أوجبت وجود المعلول في الزمان الثاني منه؟ فنقول : هذا باطل ، لأن في الزمان الثاني (٥) إن لم يصدر عنه أثر البتة ، لم يكن في ذلك الزمان علة ولا مؤثرا [البتة. وإذا لم يكن في ذلك الزمان علة ولا مؤثرا (٦)] فلو صار علة في الزمان الثاني ، مع أنه في الزمان الثاني صار معدوما ، لزم كون المعدوم علة للموجود ، وهو محال ، وإن لم يصر علة أيضا في الزمان الثاني ، كان هذا تصريحا بأنه ليس علة ولا مؤثرا البتة ، وأما إن قلنا : إنه في الزمان الأول قد صدر عنه أثر ، وكان هذا الأثر حاصلا في ذلك الزمان ، فحينئذ يكون المؤثر موجودا حال حصول الأثر ، وذلك عين (٧) المطلوب. واحتج من خالف في وجود هذه المعية بأمور :
الأول : إن هذه المعية لو كانت معتبرة ، لكانت إما أن تكون عبارة عن المعية بالذات، أو عن المعية بالزمان ، والأول باطل ، باتفاق العقلاء على أن العلة لا تكون مع المعلول بالذات ، والثاني باطل لأن المعية الزمانية لا تصدق إلا على ما كان زمانيا ، وكل زماني فهو متحرك متغير ، وما لا يكون كذلك كانت المعية الزمانية ممتنعة ، في حقه.
__________________
(١) من (ز).
(٢) حال (س).
(٣) من (س).
(٤) لا يغنى (س).
(٥) الأول (ز).
(٦) من (س).
(٧) من (ز).