الفصل الثامن
في
إيراد هذا البرهان على وجه آخر. ويظن أن
إيراده على ذلك الوجه ، يوجب سقوط أكثر هذه
الأسئلة عنه. وبيان أن ذلك الظن : خطأ من الناس
من الناس من قال : إن هذه الأسئلة إنما توجهت ، وهذه المضائق إنما لزمت. لأنا في أول الكلام فسرنا واجب الوجود بذاته ، بأنه : الموجود الذي تكون حقيقته غير قابلة للعدم البتة. وفسرنا ممكن الوجود لذاته ، بأنه : الموجود الذي تكون حقيقته قابلة للعدم. ولما فسرنا الواجب والممكن بهذين التفسيرين ، جاءت هذه السؤالات ، وتوجّهت هذه المباحث. فعظم الخطب ، وضاق البحث.
وهاهنا طريق آخر ، أقرب إلى الضبط وأبعد عن الخبط مما تقدم ، وهو أن تفسير الواجب لذاته ، بأنه الذي يكون غنيا في وجوده عن السبب ، وتفسير الممكن لذاته بأنه الذي يكون محتاجا في وجوده إلى السبب ، على هذا التفسير بكون (١) القول بإثبات واجب الوجود لذاته من أظهر المطالب ، ومن أوضح المقاصد ، ولا يتوجه عليه شيء من السؤالات المذكورة ، فإنا نقول : لا شك أن في الوجود موجود ، فذلك الموجود ، إما أن يكون غنيا في وجوده عن السبب ، وإما أن يكون محتاجا [في وجوده] (٢) إلى السبب ، فإن كان الأول فقد ثبت القول بوجود موجود واجب الوجود لذاته ، وإن كان الثاني فلا بد له
__________________
(١) يصير القول (س).
(٢) من (ز).