الفصل التاسع
في
إقامة البرهان على أن القول بالدور باطل
احتجوا على فساد القول بالدور ، بأن قالوا : ثبت أن العلة متقدمة على المعلول ، فلو كان كل واحد منهما علة للآخر لكان كل واحد منهما متقدما على الآخر ، وإذا كان هذا متقدما على ذاك ، وكان ذاك متقدما على هذا ، لزم في هذا ، كونه متقدما على المتقدم على نفسه ، والمتقدم على المتقدم على الشيء يجب كونه متقدما على ذلك الشيء ، فيلزم كون الشيء الواحد متقدما على نفسه. وهو محال.
فإن قيل : ما المراد بقولكم : «العلة متقدمة على المعلول»؟ إن أردتم به التقدم الزماني ، فهذا باطل ، لأنا بينا : أن هذا التقدم محال. وأيضا فقد بينا أنه لو صح القول بالتقدم الزماني ، فإنه يسقط هذا الدليل ، وأما إن أردتم به التقدم بالذات والعلية.
فنقول : القول بإثبات التقدم بالذات والعلية وكلام وقع في ألسنة الفلاسفة ، فيجب البحث عنه.
فنقول : مرادكم من التقدم بالعلية : كون هذا مؤثرا في ذاك وعلة له وموجبا ، أو تريدون به أمرا آخر غير هذا التأثير؟ فإن كان المراد هو الأول كان قولكم : «العلة متقدمة على المعلول» معناه : أن العلة علة للمعلول ، وحينئذ لا يبقى [لهذا التقدم مفهوم سوى العلية ، وعلى هذا التقدير فقولكم : لو كان