الشيء ، يجب كونه مفتقرا إلى ذلك الشيء فيلزم كون كل واحد منهما مفتقرا إلى نفسه ، وذلك محال لوجهين» (١) :
الأول : إن المفتقر إلى الشيء محتاج إليه ، والمفتقر إليه غير محتاج إلى المفتقر ، فلو كان الشيء الواحد مفتقرا إلى نفسه ، لزم كون الشيء الواحد بالنسبة الواحدة ، محتاجا وغنيا ، وذلك جمع بين النقيضين ، وهو محال.
الثاني : وهو أن الافتقار إلى الشيء نسبة مخصوصة ، بين المفتقر والمفتقر إليه ، والنسبة لا يمكن حصولها إلا بين أمرين (٢) ، فالأمر الواحد بالاعتبار الواحد ، يمتنع حصول النسبة فيه. واحتج من قال : الدور غير ممتنع بوجوه :
الأول : إن الهيولي والصورة كل واحد منهما محتاج إلى الآخر ، وهو دور ، والجوهر والعرض يحتاج كل واحد منهما إلى الآخر ، وهو دور.
الثاني : إن المضافين يتوقف كل واحد منهما على الآخر وهو دور ، ولا يقال : إن وجوب مقارنتهما لأجل أن العلة الواحدة [موجبة] (٣) لهما معا ، لأنا نقول : هذا لا يصح على قول الفلاسفة ، لأن عندهم الواحد لا يصدر عنه إلا الواحد.
الثالث : إن العلية والمعلولية من باب المضاف ، والمضافان يوجدان [معا] (٤) ، فالعلية والمعلولية يوجبان المعية [والمعية] (٥) ، تنافى حصول التقدم ، فوجب أن يمتنع حصول (٦) التقدم بين العلة وبين المعلول. والجواب عن الأول : إنا لا نقول بالهيولى والصورة. أما الجسم فإنه مستلزم للحصول في الحيز ، إلا أن ذات الجسم توجب الحصول في الحيز المطلق ، وعلى هذا التقدير فالملازمة [بينهما] (٧) إنما حصلت [بينهما] (٨) لأن ذات الجسم توجب الحصول في الحيز المطلق.
__________________
(١) من وجوه (س).
(٢) إلا من آخرين (س).
(٣) من (س).
(٤) من (س).
(٥) من (س).
(٦) أن يحصل (س).
(٧) من (ز).
(٨) من (س).