والصحة ، وكان التسلسل حاصلا في ثبوت هذا الإمكان.
وسادسها (١) : وهو أن مراتب الأعداد لا نهاية لها ، فكان التسلسل حاصلا فيها.
وسابعها (٢) : إنه تعالى (٣) عالم بالشيء ، وكل من علم شيئا أمكنه أن يعلم كونه عالما به ، وإذا ثبت هذا الإمكان ، وجب أن يكون حاصلا بالفعل في حق الله تعالى ، لكونه منزها عن طبيعة القوة والإمكان ، وعلى هذا التقدير فهو سبحانه وتعالى عالم بالشيء، وعالم بكونه عالما به ، وهكذا في المرتبة الرابعة ، والخامسة إلى ما لا نهاية له ، فقد حصلت هناك [مراتب غير متناهية ، وكل مرتبة أخيرة منها فإنها متفرعة على المرتبة التي قبلها ، فقد حصلت هناك (٤)] أمور غير متناهية ، وهي مرتبة بالطبع ، وهي بأسرها موجودة دفعة واحدة ، فهذا نقض قوي على قولكم : التسلسل في الأسباب والمسببات محال. لا يقال هذا السؤال ، لا يتوجه إلى الحكماء ، لأنهم يقولون : إنه تعالى عقل وعاقل ومعقول ، والكل واحد ، ولا يتوجه أيضا عن المتكلمين ، لأنهم يقولون : العلم بالعلم بالشيء نفس العلم بالشيء ، لأنا نقول : أما الكلام الذي حكيتم عن الفلاسفة فهو محض الطامات ، وذلك لأن العلم بالسواد مثلا عندهم صورة متساوية لذات السواد في الماهية ، وذات الله تعالى مخالفة للسواد في الماهية ، فلزم القطع بأن علمه تعالى بالسواد مغاير لذاته المخصوصة ، وكذلك القول في جميع المعلومات ، وأيضا فقد دللنا بالبراهين القاطعة في أول هذا الكتاب على أن العلم حالة نسبية [إضافية] (٥) وإذا كان كذلك ، فنقول : علم الله تعالى بالسواد عبارة عن نسبة مخصوصة ، بين ذاته وبين السواد. وعلمه بكونه عالما بالسواد نسبة مخصوصة بين ذاته وبين النسبة الأولى ، والنسبة إلى أحد الشيئين
__________________
(١) وخامسها (س).
(٢) وسادسها (س).
(٣) سبحانه (س).
(٤) من (س).
(٥) من (ز).