الأولين واهمال هذا القسم ، الذي هو المطلوب غفلة عظيمة [والله الهادي (١)].
والجواب عن هذه السؤالات : أن نقول أما النقض الأول : فجوابه : إن كل واحد منها مسبوق بآخر لا إلى أول ، فلم يحصل بمجموعها وجود في شيء من الأوقات ، بل ما كان ذلك المجموع معدوما أزلا وأبدا ، والمعدوم يمتنع الحكم عليه بأنه لا بد له من مؤثر ، بخلاف هذه العلل ، فإنا بينا أن العلة لا بد وأن تكون موجودة مع المعلول ، فلو تسلسلت الأسباب والمسببات لوجدت بأسرها معا ، فيكون المجموع موجودا ، فحينئذ يصح الحكم عليه بالافتقار والحاجة إلى المؤثر ، فظهر الفرق ، ولأجل هذا الفرق ذكرنا أن هذا البرهان لا يتم إلا إذا بينا العلة يجب أن تكون موجودة حال وجود المعلول.
وأما النقض الثاني : وهو النفوس الناطقة.
فالجواب : أن ذلك المجموع وإن كان موجودا معا ، ولكن ليس شيء منها علة للآخر، بخلاف ما نحن فيه.
وأما النقض الثالث : وهو الحوادث التي لا آخر لها ، والمعلومات والمقدورات. فنقول: الفرق أن مجموع تلك الأعداد غير موجودة ، فيكون الفرق ما تقدم.
وكذا الجواب عن مراتب الأعداد ، ومراتب صحة حدوث الحوادث ، وأما المراتب التي لا نهاية لها ، فنقول : هب أنه لا آخر لها ، ولكن لها أول ، فإن أول تلك المراتب هو العلم بالشيء ، ثم يترتب عليه المرتبة الثانية ، وهو العلم بذلك العلم ، ثم يترتب على [المرتبة الثانية] (٢) والمرتبة الثالثة وهلم جرا إلى ما لا نهاية (٣) فههنا لا آخر لهذه المراتب ، إلا (٤) أن لها أول ، ونحن
__________________
(١) من (ز).
(٢) من (س).
(٣) ما لا آخر له (س).
(٤) ولكن لها (س).