والأول باطل لأن مجموع تلك (الآحاد) (١) هو عين ذلك المجموع ، فتعليل ذلك المجموع بتلك الآحاد يقتضي تعليل الشيء بنفسه ، وهو محال. والثاني أيضا باطل ، لأن تلك الاستنادات أحوال عارضة لتلك الآحاد ، ولو جعلنا هذه الاستنادات علل لتلك الآحاد ، لزم جعل العوارض عللا للمعروضات ، وذلك محال ، لأن المعروض متقدم بالرتبة على العارض ، فلو جعلنا العارض علة للمعروض ، لزم تقدم كل (واحد) (٢) منهما على الآخر وهو محال ، فيثبت سقوط هذا السؤال ، وهاهنا آخر الكلام في تقرير هذا البرهان (والله ولي الرحمة والغفران) (٣).
البرهان الثاني في إبطال التسلسل : اعلم أنه يمكن ذكر البرهان الذي قدمنا ذكره بحيث يصير أشد اختصارا مما سبق ذكره.
فنقول : لو تسلسلت الأسباب والمسببات إلى غير النهاية ، لكانت تلك الجملة (من حيث إنها جملة) (٤) ممكنة ، ولكان (٥) كل واحد من آحاد تلك الجملة أيضا ممكنا (وكل ممكن) (٦) ، فلا بد له من سبب مغاير له ، فلهذه الجملة سبب مغاير لها من حيث إنها تلك الجملة ، ومغاير لكل واحد من آحاد تلك الجملة ، وكل ما كان مغايرا لجملة الممكنات ، وكان مغايرا لكل واحد من آحاد الممكنات ، فهو ليس بممكن ، وكل موجود (ليس ممكنا ، فهو) (٧) واجب لذاته (وهو المطلوب) (٨) ، فثبت. بهذا الطريق : وجوب انتهاء جملة الممكنات إلى موجود واجب الوجود لذاته ، وهو المطلوب ، ويظهر من هذا البيان : أنه يمكن ذكر هذا البرهان من غير أن يحتاج فيه إلى تلك التقسيمات الكثيرة التي ذكرناها (٩).
البرهان الثالث : إذا فرضنا الأسباب والمسببات متسلسلة ، إلى غير
__________________
(١) من (ز).
(٢) من (ز).
(٣) من (ز).
(٤) بحسب كونها تلك الجملة (س).
(٥) وبحسب كل (س).
(٦) من (س).
(٧) من (ز).
(٨) من (س).
(٩) ذكروها (ز).