من آحاد الجملة الأخرى ، بحسب مراتب التطبيق. والمراد من قولنا بحسب مراتب التطبيق : أن الأخير من هذه الجملة بتقابل بالأخير من الجملة الثانية ، والثاني من هذه الجملة ، يتقابل بالثاني من تلك الجملة ، والثالث من هذه بالثالث من هذه ، وقس على هذا الترتيب فنقول: إما أن يظهر التفاوت بين الجملتين أو لا يظهر (فإن لم يظهر) (١) ، لزم كون الزائد مساويا للناقص ، وهو محال. وإن ظهر التفاوت فذلك التفاوت ، إما أن يظهر من الجانب الذي يلينا ، وهو محال. لأنا فرضنا التطبيق بحسب مراتب الأعداد حاصلا من هذا الجانب ، فوجب أن يظهر التفاوت من الجانب الآخر ، وذلك يوجب التناهي من الطرف الآخر. وذلك يمنع من القول بكونها أمورا غير متناهية ، فإن قالوا : هذا الدليل يوجب على الفلاسفة أن يحكموا بتناهي الحوادث ، وأن يحكموا بتناهي (أعداد النفوس الناطقة ، مع أنهم لا يقولون بها. فنقول : الفرق بين هذه المسألة ، وبين) (٢) هاتين الصورتين قد ذكرناه في باب تناهي الأبعاد.
البرهان الخامس : إذا فرضنا موجودا واحدا من الممكنات ، فهو مع جملة علله أعداد غير متناهية ، ثم إذا اعتبرنا واحدا آخر فهو أيضا مع جملة علله أعداد أخرى غير متناهية ، وإذا كان كذلك فعدد الجملتين أكثر لا محالة من عدد الجملة الواحدة ، وكل ما كان أقل من غيره ، فهو متناه فعدد الجملة الواحدة متناه ، وقد فرضناه غير متناه. هذا خلف.
البرهان السادس : إن المعلول الآخر له علة ، ولعلته علة ، فالمعلول الآخر خاصيته أنه معلول ، وليس بعلة ، والعلة الأولى لو حصلت ، لكان خاصيتها أنها علة ، وليست بمعلولة، وأما المتوسطات فهي مشتركة في صفة واحدة ، وهي كون كل واحدة منها علة لما تحتها ، ومعلولا لما فوقها. إذا ثبت هذا ، فنقول : لو فرضنا ذهاب العلل (والمعلولات) (٣) إلى غير النهاية ، لكان الكل في حكم الوسط ، ولم يحصل لشيء منها خاصية الطرق البتة ، ثم نقول:
__________________
(١) من (س).
(٢) من (س).
(٣) من (س).