الفصل الحادي عشر
في
إبطال التسلسل سوى ما تقرر ذكره
اعلم أنا في الفصل المتقدم إنما افتقرنا إلى إبطال التسلسل ، لأنا جوزنا أن تكون علة وجود الممكن ممكنا آخر ، فلما جوزنا هذا في الجملة افتقرنا إلى إبطال التسلسل ، ومن الناس من يقول : إن ما كان ممكن الوجود لذاته ، فإنه لا يصلح للعلية والتأثير ، واحتجوا على صحة هذه المقدمة بوجوه : ـ
الحجة الأولى : إن الممكن هو الذي ماهيته مقتضية لقبول الوجود والعدم ، وثبت أن ماهية الممكن علة لهذه القابلية ، فلو كانت مؤثرة في وجود شيء آخر ، لكانت الماهية الواحدة مقتضية للقبول وللتأثير ، فيكون الواحد صدر عنه أكثر من الواحد ، وذلك باطل للوجوه التي يذكرها الفلاسفة ، في أن الواحد لا يصدر عنه إلا الواحد (فإن) (١) ، قالوا : لم لا يجوز أن يقال (إن ذلك) (٢) الممكن المؤثر (٣) في وجود الغير تكون ماهيته مركبة ، وهو بأحد الجزءين يقتضي القبول ، وبالجزء الثاني (٤) يقتضي التأثير؟ فنقول : فعلى هذا
__________________
(١) من (س).
(٢) من (س).
(٣) المعتبر (س).
(٤) الآخر (س).