مركب من أجزاء متعاقبة منقضية ، فيكون ممكنا لذاته ، فالمفتقر في وجوده إليه أولى بالامكان (فهذا تمام الكلام في الشبهات المذكورة في هذا الباب) (١).
والجواب عن الشبهة الأولى : أن نقول : أما قوله (٢) «لو وجب واجب الوجود لذاته ، لكانت ذاته مساوية لسائر الذوات ، في كونه ذاتا» فنقول : لم لا يجوز أن يقال : إن كونه ذاتا ، معناه أنه مستقل بنفسه ، ومعنى الاستقلال أنه لا حاجة به إلى الغير؟ وهذا المعنى مفهوم سلبي (٣) ، وهو صفة مشتركة (٤) فيما بين الحقائق المختلفة التي هي الذوات المخصوصة ، وتحقيق الكلام : أن الماهيات المختلفة لا يمتنع اشتراكها في لوازم متساوية (وأما الماهيات المتساوية فإنه يمتنع اختلافها في الصفات اللازمة. والذي يحقق ما ذكرناه : أنه) (٥) كما يصح تقسيم الذوات إلى الواجب وإلى الممكن (٦) ، فكذلك يصح تقسيم الصفات إلى الصفات ، التي تكون من الممكنات ، وإلى الصفات التي تكون من الكيفيات ، وغيرها فيلزم أن تكون الصفات كلها متساوية ، وإذا كانت الذوات بأسرها متساوية ، وكانت الصفات كلها بأسرها متساوية ، فمن أين حصل الاختلاف؟
وأما الشبهة الثانية : وهي قوله : «لو حصل واجب الوجود ، لكان وجوده (٧) ، إما أن يكون تمام ذاته ، أو جزء ذاته ، أو خارجا عنه» فنقول : هذا بناء على أن الوجود مفهوم ثبوتي ، وهو ممنوع فلم لا يجوز أن يقال : إنه مفهوم عدمي؟ وبهذا التقدير لا يصح ما ذكرتموه من التقسيم.
أما الشبهة الثالثة : وهي قوله : «وجود واجب الوجود ، إما أن يكون نفس حقيقته، أو مغايرا لحقيقته» فنقول : هذه المسألة ستأتي بعد ذلك على سبيل الاستقصاء.
وأما الشبهة الرابعة : وهي قوله : «لو وجد واجب الوجود لكان مركبا»
__________________
(١) من (ز).
(٢) قولكم (س).
(٣) نسبي (س).
(٤) تشترك في تأير الحقائق (س).
(٥) من (ز).
(٦) في أن الممكن كذلك (س).
(٧) وجوب (ز).