الفصل الخامس عشر
في
إثبات إله العالم عزوجل بناء على التمسك
بامكان الصفات
اعلم : أن مدار هذا الدليل على إثبات أن الأجسام متساوية في تمام ماهياتها (١) ، وهذا مطلوب صعب الإلزام (٢). فإن لقائل أن يقول : كما أن الصفات متساوية في كونها صفات ، ثم إنها مختلفة بحسب ماهياتها المخصوصة ، مثل كونها سوادا وبياضا وحلاوة وحموضة ، فكذلك لا يبعد كون الأجسام [متساوية] (٣) في عموم الحجمية والتحيز ، ثم إنها تكون مختلفة بحسب ماهياتها المخصوصة ، فجسمية النار مخالفة لجسمية الأرض ، وجسمية كل واحد منهما مخالفة لجسمية الفلك ، وإذا كان هذا الاحتمال قائما ، فإنه يلزم استواء الأجسام في عموم الجسمية استواؤها في ماهياتها المخصوصة ، والذي يقوي هذا السؤال : أن المقادير من باب الأعراض [عند الفلاسفة] (٤) ، والجسم عبارة عن الذات القابلة لهذه المقادير. وإذا ظهر هذا فنقول : حصل هاهنا أمور ثلاثة : المقبول وهو المقدار ، وكون ذات الجسم قابلة لذلك المقدار ، وهذه القابلية نسبة مخصوصة بين ذات القابل وبين هذا المقدار ، وتلك الذات المحكوم عليها بكونها قابلة لهذا المقدار. فنقول : أما المقادير فلا شك أنها
__________________
(١) الماهية (س).
(٢) المرام (س).
(٣) من (س).
(٤) من (س).