الفصل العشرون
في
تقرير قول من يقول : الاستدلال بالحدوث
على الفاعل ، لا يتم إلا بدليل منفصل
قد حكينا : أن هذا القول هو مذهب «أبي علي» وأبي هاشم» و «القاضي عبد الجبار بن أحمد» وأصحابهم (١) من المعتزلة. قالوا : نظم هذا الدليل. أن يقال : العالم محدث ، فوجب أن يفتقر إلى الفاعل. قياسا على أفعالنا المحتاجة إلينا في حدوثها. قالوا : وكل قياس فلا بد فيه من أركان (٢) أربعة : الأصل والفرع والعلة والحكم. فالأصل هو كون العبد محدثا لأفعال نفسه ، والفرع هو العالم ، والحكم هو الاحتياج إلى الفاعل ، والعلة هي الحدوث.
فنفتقر إلى إثبات هذه المقامات الأربعة :
أما الأصل فهو قولنا : إن أفعالنا محتاجة في الحدوث إلينا. وهذا المقام لا بد فيه من تقرير أمرين : أحدهما : إثبات الأعراض [أعني] (٣) إثبات أن حركاتنا وسكناتنا : أمور موجودة. الثاني : بيان أن أفعالنا واقعة بنا ، بمعنى أن محدثها نحن لا غير. أما المقام الأول. فقد ذكروا فيه الدلائل الدالة على إثبات الأعراض. وأما المقام الثاني فقد احتجوا عليه بأن هذه الأفعال (٤) ، يجب
__________________
(١) وأصحابه (س).
(٢) أربعة أركان (س).
(٣) من (س).
(٤) أفعالنا (ت).