على سبيل الاتفاق ، إلا أنه اتفق في هذه الصورة الواحدة من الاتفاقيات أنها بقيت دائمة على نسق واحد؟ وذلك لأن بتقدير أن لا يكون الحدوث على سبيل الاتفاق (١) ممتنعا في أول العقل [لم (٢)] يكن كون بعض الاتفاقيات دائما على نسق (واحد] (٣) ممتنعا أيضا في أول العقل. وحينئذ يسقط هذا الدليل. وهذا السؤال واقع على هذا الدليل.
السؤال الثالث : سلمنا أن أفعالنا واقعة بنا. فلم قلتم : إن علة هذه الحاجة هي الحدوث؟ وتقريره : إنا سنقيم الدلائل الكثيرة في مسألة الحدوث والقدم ، على أن الحدوث لا يجوز أن يكون علة للحاجة إلى المؤثر ، ولا جزءا من هذه العلة ، ولا شرطا لها.
السؤال الرابع : سلمنا أن حدوث أفعالنا علة لاحتياج أفعالنا إلينا. فلم قلتم : إنه يلزم منه أن يكون حدوث العالم علة لاحتياج العالم إلى الفاعل؟ وتقريره : إن حدوث أفعالنا عبارة عن حدوث مقيد ، بقيد كونه حاصلا في أفعالنا. ولا يلزم من كون هذا المجموع علة للحاجة ، كون الحدوث فقط علة للحاجة.
فإن قلتم : إنا نعلم بالضرورة : أن ذلك الحدوث ما كان علة لتلك الحاجة لكون ذلك الحدوث الخاص ، بل لمجرد كونه حدوثا. فنقول : فهذا إنما يتم لو ثبت لكم : أن الحدوث من حيث هو حدوث ، علة للحاجة. وإن كان ذلك معلوما بالبديهة ، فقد ضاع سعيكم في تقرير هذا الدليل الطويل. وإن كان ذلك محتاجا إلى الحجة. فأنتم ما ذكرتم إلا هذا القياس. وقد ظهر في هذا السؤال : أن هذا القياس لا يصح ، إلا إذا ثبت أن الحدوث من حيث هو حدوث ، علة للحاجة. وحينئذ يتوقف الدليل على المدلول ، والمدلول على الدليل. فيلزم الدور.
[وهذا تمام الكلام في هذا الموضع. وبالله التوفيق] (٤).
__________________
(١) الانقلاب (س).
(٢) من (س).
(٣) من (س).
(٤) سقط (س).