وحيث لم يكن [الأمر] (١) كذلك علمنا أن المؤثرية في تكوين بدن الإنسان ليس هو القوة الطبيعية ، بل الإله الحكيم الرحيم.
وأما على القول بأن جسم المني جسما مركبا من أجزاء مختلفة الطبائع [فنقول : تقرير هذا الدليل بناء على هذا القول من وجهين :
الأول : كل مركب فإنه ينتهي تحلل تركيبه إلى البسائط ، فإذا كان جسم المني مركبا من أجسام مختلفة الطبائع] (٢) فكل واحد من تلك الأجسام يجب أن يكون [جسما] (٣) بسيطا في نفسه ، والقوة العاملة في تلك المادة البسيطة لا تقبل إلا شكلا متشابها ، وهو الكرة ، وحينئذ يلزم أن يكون جسم الإنسان مشكلا بشكل كرة ، مضموم بعضها إلى البعض ، ولما لم يكن الأمر كذلك ، فقد فسد هذا القول.
والوجه الثاني : إن جسم المني جسم رطب ، والجسم الرطب لا يحفظ وضع الأجزاء وترتيبها ، فالجزء الذي يكون مادة للدماغ جزء مخصوص ، والجزء الذي يكون مادة للقلب جزء آخر. وإذا كان الجسم الرطب لا يحفط الوضع والترتيب ، فلعل الجزء الذي هو مادة للقلب ، يحصل فوق الجزء الذي هو مادة للدماغ ، يحصل في الوسط. وحينئذ يجب أن يتولد ذلك الإنسان بحيث يصير قلبه فوق ، ودماغه في الوسط ، وحيث لم يكن الأمر كذلك [البتة] (٤) علمنا : أن حصول جواهر هذه الأعضاء ، وحصول ما بها من الترتيب ، إنما كان بتخليق إله قدير حكيم عليم ، لا بتأثير الطبائع والأفلاك. فإن من لا يكون عليما حكيما امتنع أن تصدر عنه الأفعال المحكمة المتقنة [الموافقة للمصالح] (٥) وهذا دليل قوي كامل. ولقوة ظهوره ، ذكره الله تعالى في
__________________
(١) من (ز).
(٢) من (ز).
(٣) من (ز).
(٤) من (ز).
(٥) من (ز).