قدرت على هذه الأفعال [العجيبة] (١)؟ وأما القسم الثاني : وهو أن يقال : القوة المولدة قوة خالية عن الشعور ، والإدراك ، والفهم. فنقول : فعلى هذا [التقدير] (٢) تكون قوة موجبة لذاتها ، أثرا من الآثار من غير شعور ، ولا إدراك ، ولا قصد ، والمادة بسيطة متشابهة ، وحينئذ ترجع الإلزامات المذكورة من كون ذلك الإنسان كرة واحدة ، أو كرات مضموم بعضها إلى بعض ، من غير أن يكون وضع الأعضاء وترتيبها معتبرا ، بل يكون متعسر الترتيب ، واقعا كما تقع الأشياء الاتفاقية (٣) وكل ذلك باطل.
أجاب السائل عنه : إن كثيرا من الأطباء ، والفلاسفة يقولون : إن الطبيعة حكيمة [وإنها] (٤) كاملة الحكمة ، والقدرة ، والمعرفة. وإذا كان هذا قولا قاله بعض الناس ، فما الدليل على فساده؟ سلمنا : أنها ليست موصوفة بالعلم والقدرة ، لكن لم لا يجوز صدور الأفعال المحكمة المتقنة عنها؟
ويدل على أن الذي ذكرناه محتمل وجهين (٥) :
الأول : إن الأفعال الصناعية ، إذا صارت ملكات راسخة في النفس ، وبلغت إلى حد الكمال والتمام ، فإن العقلاء إذا أرادوا وصفها بالتمام والكمال شبهوها بالطبيعة ، فيقولون : إن هذا العمل صار طبيعيا له ، وهذه الحرفة صارت طبيعة له ، ولو لا أنه تقرر في عقولهم : أن أفعال الطبيعة أكمل وأقوى وأتم ، لما شبهوا الصناعة بالطبيعة ، حال محاولة وصفها [بالكمال والتمام].
والثاني : إن من لم يعلم حرفة الكتابة ، أو حرفة ضرب الطنبور ، فإنه ما دام يحتاج في الإتيان] (٦) بتلك الأعمال إلى الرؤية في نقش نقش ، ونقر نقر ،
__________________
(١) من (ز).
(٢) من (س).
(٣) المتعاقبة وذلك باطل (ز).
(٤) من (ز).
(٥) الأصل : وجوه.
(٦) من (ز).