الفصل الأول
في
بيان أن الاستكثار من هذه الدلائل من أهم المهمات
اعلم. أن الدلائل قد تكون قطعية ، وقد تكون إقناعية. والاستكثار من الدلائل الإقناعية قد ينتهي إلى إفادة القطع. وذلك لأن الدليل الإقناعي الواحد قد يفيد الظن ، فإذا انضم إليه دليل (١) ثان ، قوي الظن ، وكلما سمع دليلا آخر ازداد الظن قوة ، وقد ينتهي بالآخرة إلى حصول الجزم واليقين.
وهذا المعنى هو أحد الفوائد التي ذكرها صاحب المنطق في تعليم قوانين الجدل. قال : «لأن القوانين الجدلية ، وإن أفادت الظن ، إلا أن تلك الظنون ، إذا قويت فقد تنتهي إلى حد اليقين».
فيثبت : أن الجدل قد يقوم مقام البرهان في إفادة اليقين. وأولى المواضع برعاية الاحتياط فيه ، والمبالغة في التقرير ، وإزالة الشكوك ، والشبهات : معرفة الإله المدبر الحكيم، ولما بالغنا في تقرير الدلائل العقلية في القسم الأول ، أردنا أن نجمع الدلائل الظاهرة الجلية المتبادرة إلى الأفهام في هذا القسم ، ليكون ذلك سعيا في الفوز بهذه السعادة بأقصى ما يقدر عليه [وبالله التوفيق] (٢).
__________________
(١) دليل بأن الظن (م).
(٢) من (ط ، س).