الأضواء ، وتبطل الأنوار ، وأما القمر فهو كالوزير له ، ولهذا السبب صار سلطان الليل ، وأما الكواكب فإنها مرتبة على سبع درجات ، فأقواها في القوة وأعظمها في الجثة ما يكون في حد العظم الأول ، ولا يزال يتناقص حتى ينتهي إلى العظم [السابع (١)] فيصير في غاية الصغر ، وأما النار فإنها نير العالم السفلى ونورها ضعيف جدا من وجوه :
أحدهما : أنها وإن قويت وعظمت ، إلا أنها تنطفئ بأدنى سبب.
وثانيها : أنها وإن كانت تفيد الإشراف إلا أنها تفيد الإحراق.
وثالثها : أن نورها ممتزج بالدخان ، وأن استعلاءها قليل ، ويعلوها الدخان والظلمة، والكدورة. قالوا : فهذه مراتب النيرات في عالم الأجسام. وإذا عرفت هذا فنقول : قد ظهر أن عالم الأرواح أصفى وأكمل وأشرف من عالم الأجسام ، فلما حصلت هذه النيرات في عالم الأجسام ، فبأن تحصل النيرات في عالم الأرواح ، كان أولى. وكما أن درجات النيرات في عالم الأجسام متفاوتة في الكمال والنقصان ، وكان أعظم شيء : واحد هو الشمس. فكذلك يجب أن يكون النير الأعظم في عالم الأرواح واحد فقط. وكما أن من صفة النير الأعظم من عالم الأجسام أن عند طلوعه تبطل أنوار سائر النيرات وتبطل الظلمة عن الظلمانيات ، فيصير النير مظلما والمظلم نيرا. فكذلك النير الأعظم في عالم الأرواح (٢) [واحد فقط ، وكما أن من صفة النير الأعظم في عالم الأجسام أن عند طلوعه تبطل أنوار سائر النيرات ، وتبطل الظلمة عن الظلمانيات ، فيصير النير مظلما ، والمظلم نيرا ، فكذلك الأعظم في عالم الروحانيات] (٣) يبطل في نوره كل نور ، ويبطل في إشراقة وجوده كل موجود. فبكمال فضله ورحمته ، يصير كل معدوم كالموجود ، وبقوة قهر جلاله يصير كل موجود كالمعدوم. فهذه أحوال
__________________
(١) من (ز).
(٢) الروحانيات (س).
(٣) من (ز).