الصفات غير معلومة؟ وأيضا : فهب أن القوم لم يسلموا بأن الوجود بديهي التصور ، ولم يسلموا أن كنه ذات الله تعالى غير معلوم للبشر ، لكن هاتان المقدمتان قد صحتا بالبراهين اليقينية. أما الأول ففي كتاب الوجود. وأما الثاني ففي المسألة المشتملة على أن [كنه حقيقة] (١) الله تعالى غير معلوم (٢) للبشر ، وإذا كان الأمر كذلك فقد حصل المطلوب على أظهر الوجوه.
الحجة الثامنة : قد ثبت في المنطق أن الوجوب (٣) والإمكان والامتناع جهات. وفسر أهل المنطق هذا المعنى بأن قالوا : كل قضية فلها موضوع ومحمول ، ولا بد وأن يحصل بين الموضوع وبين المحمول نسبة مخصوصة ، وتلك النسبة معناها كون ذلك الموضوع موصوفا بذلك المحمول. وكل قضية فلا بد فيها من حصول هذه الثلاثة. ثم إن موصوفية الموضوع [بالمحمول] (٤) تارة تكون على نعت الوجوب ، وتارة على نعت الإمكان ، وتارة على نعت الامتناع. وهذا الكلام لخصوه في المنطق [وهو كلام حق معلوم] (٥) تشهد فطرة العقل بصحته. إذا ثبت هذا فنقول : إذا قلنا : الله واجب الوجود. فهذه قضية لا بد فيها من موضوع ، ومن محمول ، ومن رابطة ، ومن جهة. أما الموضوع فهو قولنا : الله. أما المحمول فهو قولنا : موجود. وأما الرابطة فمحذوفة في اللفظ ولكنها معتبرة في المعنى ، والتقدير : الله هو موجود. وأما الجهة فهي الوجوب.
إذا عرفت هذا فنقول : المحكوم عليه بأنه موجود ، إما أن يكون هو كونه موجودا وإما أن يكون حقيقة غير الوجود ، وتلك الحقيقة هي الموضوع للوجود [ويكون الوجود] (٦) محمولا على تلك الحقيقة ، والأول باطل ، وإلا لصار تقدير هذه القضية : الوجود يجب أن يكون محكوما عليه بكونه موجودا. ومعلوم أن ذلك باطل. والثاني حق إلا أنه تصريح بأن الوجود محمول ، وأن موضوع هذا المحمول ماهية مخصوصة ، وحقيقة مخصوصة هو المحكوم عليها لهذا
__________________
(١) على أن صفات الله ... الخ (س).
(٢) غير معلوما (س).
(٣) الوجود (س).
(٤) من (س).
(٥) من (س) س.
(٦) من (س).