الوجود ، وإذا قلنا [ذلك فقد قلنا] (١) إن ماهية الله تعالى يجب أن تكون غير (٢) وجوده ، وذلك هو المطلوب.
الحجة التاسعة : إن الحكماء استدلوا على أن وجود الممكنات زائد على ماهياتها. فإن قالوا : يمكننا أن نتصور الماهية مع الشك في الوجود ، والمعلوم مغاير لما هو غير معلوم ، فالماهية غير الوجود ، فنقول : هذا البرهان بعينه قائم في وجود واجب الوجود ، وذلك لأنا إذا تصورنا من واجب الوجود ، أنه الذي يستغني في وجوده عن الغير ، وأنه الذي يستحق الوجود من ذاته. فمن المعلوم بالضرورة أن هذا القدر من التصور لا يوجب الجزم بوجود هذا الموجود ، بل بعد حصول هذا التصور يبقى العقل شاكا في أن هذه الحقيقة ، هل هي موجودة أم لا؟ فثبت أن في هذا الموضع يمكن تصور الماهية مع الشك في الوجود ، وهذا يقتضي كون الماهية مغايرة للوجود ، فإن لم يلزم من هذا المعنى حصول التغاير [في هذا الموضع ، لم يلزم أيضا حصول التغاير في] (٣) الممكنات. فإن قالوا : الفرق أن ممكن الوجود يمكن [انفكاكه عن الوجود ، فلا جرم أمكن] (٤) تعقله [مع الشك في الوجود. أما واجب الوجود فإنه لا يمكن تعقله] (٥) من حيث إنه واجب الوجود إلا مع تعقل الوجود ، لأنه من المستحيل أن يقال : إنه مع كونه واجب الوجود ، لا يكون موجودا.
فنقول : فعلى ما ذكرتم يلزم في كل من تصور أن واجب الوجود لذاته ، ما هو؟ أن يجزم بأن واجب الوجود موجود ، ولما كان هذا باطلا [فاسدا] (٦) في بديهة العقل ، علمنا أنه يمكن حصول تصور واجب الوجود مع الشك في وجوده. وإذا كان [الأمر] (٧) كذلك وجب أن يكون وجوده زائدا على ماهيته.
الحجة العاشرة : لا شك أن قولنا : الله واجب الوجود ، كلام حق وصدق. فقولنا : الله موضوع ، وقولنا : موجود محمول ، وقولنا : واجب صفة
__________________
(١) من (ز).
(٢) عين (س).
(٣) من (س).
(٤) من (س).
(٥) من (س).
(٦) من (ز).
(٧) من (ز).