لانتساب الموضوع إلى المحمول ، ونقول : المراد بالموضوع وهو قولنا الله ، إما أن يكون هو الوجود ، أو أمرا مغايرا للوجود ، والأول باطل لوجوه : أحدها : أن على هذا التقدير يصير معنى الكلام أن الوجود واجب الوجود. ولكن هذا باطل ، لأن الوجود الذي جعل موضوعا ، إما أن يكون هو الوجود الذي جعل محمولا أو غيره ، والأول باطل لأن جعل الشيء موضوعا لنفسه ومحمولا لنفسه ، كلام فاسد ، عار عن الفائدة. فإن من قال : الجدار : جدار. والمثلث : مثلث. كلامه كلام فاسد ، وإن كان الثاني لزم أن يكون الوجود الذي جعل موضوعا ، مغايرا للوجود الذي جعل محمولا ، فحينئذ يلزم من كونه موجودا : خبرين(١) وأيضا : فلما كانت طبيعة الوجود واحدة ، كان الوجود الذي هو الموضوع مساويا في تمام الماهية للوجود الذي هو المحمول ، وحينئذ لم يكن أحدهما بأن يكون موصوفا والآخر بأن يكون صفة ، أولى من العكس. فيثبت بهذا البرهان : أنا إذا قلنا : الله يجب أن يكون موجودا ، لم يكن المشار إليه بقولنا (٢) نفس الوجودية ، بل حقيقة أخرى سوى الوجودية ، وقد صدق حكم العقل عليها بوجوب اتصافها بالموجودية ، وذلك يدل على أن وجود الله تعالى ليس أمرا قائما بنفسه بل هو صفة لماهية أخرى. وذلك هو المطلوب.
فإن قالوا : لم لا يجوز أن يكون المراد من قولنا : الله ، حقيقة لا ندري ماهيتها ولا تعينها ولكنا نعرف في الجملة كونها موجودة؟ فنقول : هب أنا لا نعرف أن تلك الحقيقة ما هي؟ إلا أنا نعرف منها أنها إما أن تكون هي الوجود ، أو حقيقة مغايرة للوجود [فإن كانت هي الوجود ، لزمت المحالات. وإن كانت حقيقة مغايرة للوجود] (٣) لزم كون وجود الله تعالى صفة لتلك الحقيقة. وذلك هو المطلوب. ولما كان هذا الكلام الذي يفيد مقصودنا متقرر ، سواء عقلنا خصوصية تلك الحقيقة ، أو لم نعقلها ، لم يكن عدم علمنا بتلك
__________________
(١) مرتين (ز).
(٢) بقوله (س).
(٣) من (ز).