الحقيقة المخصوصة من حيث إنها هي ، قادحا في مطلوبنا.
الحجة الحادية عشر في إثبات هذا المطلوب : أن نقول : لا شك أن الحق تعالى ذات متعينة ممتازة بتعينها عن كل ما سواه من الذوات المعينة ، ولا شك أن الوجود من حيث إنه وجود حقيقة يشترك فيها الواجب والممكن والجوهر والعرض ، فنقول : ذاته المخصوصة إما أن يكون هو هذا المفهوم المشترك فيه بين كل الموجودات ، وإما أن يكون هو هذا المفهوم ، مع قيد زائد يقتضي تخصصه وتعينه. والأول باطل ، لأن هذا المفهوم المشترك يصدق عليه كونه مشتركا بين الكل ، وذاته المخصوصة لا يصدق عليها هذا المعنى. فبطل القول بأن ذاته المخصوصة هو هذا المفهوم المشترك.
بقي أن يقال : إنه هو هذا المفهوم مع قيد زائد. فنقول : ذلك [القيد] (١) الزائد إما أن يكون سلبيا أو ثبوتيا ، والأول باطل ، لأنه سبحانه من حيث إنه هو ذلك المعين موجود ، وما لأجله التعين جزءا من المعين ، فلو كان ما لأجله حصل التعين قيدا سلبيا ، لزم أن يكون القيد السلبي جزءا من الماهية الثابتة ، وهو محال. وأما إن كان القيد الذي لأجله حصل التعين أمرا ثابتا ، فإما أن يكون ذلك الأمر المخصوص موضوعا والوجود المشترك فيه محمولا ، وإما أن يكون الأمر بالعكس منه. والأول هو المقصود. لأن على هذا التقدير تكون تلك الهوية المخصوصة المعينة موصوفة بالوجود ، فيكون ذلك الوجود عارضا لماهيته ، والثاني باطل لوجهين : أحدهما : أنه ثبت في المنطق أن الأخص بالموضوعية والأعم أولى بالمحمولية. والثاني : وهو أنا لو جعلنا الوجود المطلق موضوعا ، وجعلنا تلك الخصوصية محمولة له ، لزم أن يقال : الوجود المشترك فيه هو تلك الخصوصية ، وحمل تلك الخصوصية عليه ، يمنع من كونه مشتركا فيه بينه وبين غيره ، فلزم أن يقال : الأمر المشترك فيه غير مشترك فيه ، وذلك محال. فثبت : أن القول بأن حقيقته وجود مجرد ، يفضي إلى أقسام باطلة فيكون القول به باطلا.
__________________
(١) من (س).