واحتج المخالف على صحة قوله. بوجوه :
الأول : إن الذوات بأسرها متساوية في كونها ذوات ، فامتياز بعضها عن البعض لا بد وأن يكون لصفة. بيان المقام الأول : أنا نقول : الذات ما يكون مستقلا بنفسه ، والصفة (١) لا تكون إلا بالغير. فيعقل من الذات هذا المفهوم الواحد ، وذلك يدل على أن الذوات متساوية في كونها ذوات.
وبيان المقام الثاني : أنه لما وقع الاستواء في المفهوم من كونها [ذوات] (٢) وجب أن يحصل الامتياز بمفهوم غير ذلك المفهوم ، ضرورة أن جهة المساواة غير جهة المخالفة ..
والثاني : أن نقول : إن حقيقة ذات الله تعالى إما أن تكون هو أنه ذات فقط ، أو تكون حقيقته أنه ذات ما معينة مخصوصة.
فإن كان الأول لزم أن يكون كل ما يصدق عليه [أنه ذات ، يصدق عليه أنّه] (٣) هو الله سبحانه ، وإن كان الثاني فحينئذ يكون المفهوم من ذلك التعين وتلك الخصوصية أمرا زائدا على المفهوم من كونه ذاتا. وذلك يدل على أن امتياز ذاته تعالى عن سائر الذوات ، لا بدّ وأن يكون بصفة.
والثالث : أن نقول : نحن [نعلم] (٤) بالضرورة أنه لا يمكننا تعريف ذات من الذوات المخالفة لسائر الذوات ، إلا بأنه المختص بالصفة الفلانية ، أو الموصوف بالأمر الفلاني ، ولأجل اختصاصها بتلك الصفة ، أو بذلك الأمر ، وقع الامتياز. وذلك يدل على مخالفة بعض الذوات لبعض ، معللة بالصفات.
والجواب عن الأول : إنا لا ننازع في أن الذوات متساوية في المفهوم من كونها ذوات. لكن لم لا يجوز أن يكون ذلك المفهوم مفهوما سلبيا ، ويكون معناه أنه أمر ما ليس تابعا (٥) لغيره في الحصول والتحقق؟ وقد عرفت في كتب
__________________
(١) والصفة ما يكون تابعا لغيره ، فتعقل والذات (س).
(٢) من (س).
(٣) من (س).
(٤) من (س).
(٥) مانعا (س).