أن القديم لو لم يكن واجب الوجود لذاته ، لكان ممكن الوجود لذاته ، وهو يحتاج إلى المؤثر. إلا أن ذلك محال (١) ، لأن القديم ليس له حال عدم ، ولا حال حدوث البتة ، بل هو أبدا كان موجودا ، فلو احتاج إلى المؤثر ، لكان إنما احتاج إلى المؤثر ، حال وجوده. فيلزم أن يكون ذلك المؤثر مؤثرا في حال وجوده ، فيلزم تحصيل الحاصل ، وتكوين الكائن ، وذلك محال. فيثبت بما ذكرنا : أن كل قديم فإنه واجب الوجود لذاته.
وبيان المقام الثاني وهو أن كل واجب الوجود لذاته ، فإنه لا يقبل العدم : هو أن نقول : واجب [الوجود] (٢) لذاته هو الذي لا تكون حقيقته قابلة للعدم ، وما كان كذلك امتنع طريان العدم عليه. فيثبت بما ذكرنا : أن كل قديم فإنه واجب الوجود لذاته ، ويثبت أن كل واجب الوجود لذاته ، فإنه يمتنع العدم عليه ، ينتج : أن كل ما يثبت قدمه ، فإنه يمتنع عدمه. هذه الحجة لخصناها للمتكلمين [وهذا جملة ما يليق بأصول الكلام في هذا الباب](٣).
وأما الطرق اللائقة بالأصول الفلسفية في إثبات كونه تعالى أزليا أبديا. أن نقول :
الوجه الأول (٤) : لو صح عليه العدم بعد وجوده ، لكان عدمه بعد وجوده لا بد وأن يكون لسبب ، إما وجودي ، وإما عدمي. وحينئذ يكون وجوده موقوفا على عدم ذلك المعدم ، وما يكون وجوده موقوفا على اعتبار حال الغير ، كان ممكنا لذاته. فواجب الوجود لذاته [ممكن الوجود لذاته] (٥) هذا خلف.
__________________
(١) عبارة (س) :
فإنه يكون واجب الوجود لذاته ، وكل ما كان غير واجب الوجود لذاته ، كان ممكن الوجود لذاته ، وكل ممكن الوجود لذاته ، فهو محتاج إلى المؤثر. ينتج : أن ذلك القديم محتاج إلى المؤثر ، إلا أن ذلك محال ... الخ.
(٢) من (س).
(٣) من (ز).
(٤) زيادة.
(٥) من (س).