المقدمة
في
بيان معاقد ضبط هذا الباب
اعلم أنا إذا أردنا إثبات موجود لا تحكم بوجوده حواسنا ، ولا تحكم بوجوده أيضا فطرة (١) نفوسنا وعقولنا ، فهذا مما لا سبيل إليه إلا بطريق واحد ، وهو أن يحكم عقلنا الصريح بأن هذه الموجودات التي نحكم بوجودها بحسب حواسنا ، وعقولنا ، محتاجة إما في وجودها ، أو في وجود صفة من صفاتها إلى وجود موجود غائب عن حواسنا وأوهامنا ، وبهذا الطريق يتمكن العقل من إثبات ذلك الموجود الغائب. إذا عرفت هذا فنقول : منشأ الحاجة إما الإمكان ، وأما الحدوث ، وإما مجموعهما ، فهذه أحوال ثلاثة وهي إما أن تعتبر في الذوات أو في الصفات ، فللمجموع طرق ستة :
أولها : إمكان الذوات.
وثانيها : إمكان الصفات.
وثالثها : حدوث الذوات.
ورابعها : حدوث الصفات.
وخامسها : مجموع الإمكان والحدوث في الذوات.
وسادسها : مجموع الإمكان والحدوث في الصفات.
فهذه هي الطرق التي يمكن الاستدلال بها على إثبات موجود واجب الوجود لذاته وهذا تمام الكلام في هذه المقدمة.
__________________
(١) فطرتنا وعقولنا (س).