هو هو محال. وأما الافتقار ، فلا تفسير له ، إلا أنه هو الاحتياج والتوقف. وأما المؤثر فلا تفسير له ، إلا الأمر الذي به ، ولأجله يحصل ذلك الشيء.
إذا عرفت هذا فنقول : إنا بعد استحضارنا هذه التصورات الثلاثة في عقولنا على أقصى الوجوه. إذا نظرنا إلى جزم العقل بصحة قولنا : الممكن لا يترجح أحد طرفيه على الآخر إلا لمرجح ، ثم نظرنا إلى جزم العقل بأن الواحد نصف الاثنين ، علمنا بالضرورة أن الجزم الأول أضعف من الجزم الثاني. [بكثير ، وهذا التفاوت ليس لأجل التفاوت في التصورات ، فأما في هذه الحالة فقد استحضرنا هذه التصورات على أبلغ الوجوه ، فعلمنا أن هذا التفاوت إنما وقع في الحكم والتصديق] (١).
وأما الجواب عن السؤال الرابع : وهو قوله : «ما الدليل على أن أحد الجزءين ، لما كان أقوى من الثاني كان المرجوح ظنيا لا يقينيا؟».
فنقول : الدليل على أنه يجب كون القضية المرجوحة ظنية لا يقينية : هو أن جزم العقل بهذه القضية المرجوحة ، إما أن يكون مع المنع من نقيضها منعا كليا ، وإما أن يقال : المنع من النقيض على سبيل الجزم غير حاصل ، فإن كان المنع الجازم من النقيض حاصلا [امتنع وقوع التفاوت. وإن كان المنع الجازم من النقيض غير حاصل بل كان احتمال النقيض حاصلا] (٢) من بعض الوجوه سواء كان ذلك الاحتمال قريبا أو بعيدا ، كان ذلك التصديق ظنا غالبا ، فإن احتمال النقيض يوجب هذا المعنى ، وحينئذ لا يكون ذلك الجزم علما ويقينا ، بل يكون ظنا. فهذا جملة الكلام في الجواب عن السؤالات التي أوردوها على هذا الدليل.
الحجة الثانية : في بيان أن افتقار الممكن إلى المرجح ليست مقدمة بديهية ، إنا قد ذكرنا أن جماعة عظيمة من العقلاء ذهبوا إلى أنه لا يجوز (٣)
__________________
(١) من (س).
(٢) من (ز).
(٣) يجوز (ز).