المتكلمين : أن كل ما لا يخلو عن المحدث فهو محدث ، فيلزم القطع بأن كل ما يقبل الحوادث ، فإنه يكون محدثا ، ولما ثبت أنه تعالى منزه عن الحوادث ، ثبت أنه يمتنع كونه قابلا للحوادث.
الحجة الثانية في المسألة : إن الصفة التي حدثت في ذات الله تعالى ، إما أن تكون من صفات الكمال ، وإما أن لا تكون من صفات الكمال ، فإن كانت من صفات الكمال ، كانت تلك الذات قبل حدوث تلك الصفة فيها خالية عن صفة الكمال ، والخلو عن صفة الكمال نقصان فيلزم كون تلك الذات ناقصة. والنقصان على الله محال. وإن كانت تلك الصفة ليست من صفات الكمال ، كان إثباتها في حق الله تعالى حالا ، لحصول الاتفاق على أن صفات الله تعالى بأسرها يجب أن تكون من صفات الكمال والمدح.
الحجة الثالثة : كل صفة يشير العقل إليها ، فإما أن تكون ذات الله كافية في استلزام حصولها ، أو كانت كافية في استلزام عدمها ، أولا تكون كافية في واحد منهما ، فإن كان الأول لزم دوام وجود تلك الصفة بسبب دوام تلك الذات ، وإن كان الثاني لزم دوام عدم تلك الصفة بسبب دوام تلك الذات ، وإن كان الثالث فحينئذ لا تكون تلك الذات كافية لا في وجود تلك الصفة ولا في عدمها. معلوم : أن تلك الذات لا تنفك عن وجود تلك الصفة وعن عدمها. ونقول : الذات موقوفة على حصول أحد هذين القسمين ، إما وجود تلك الصفة وإما عدمها ، لكن وجودها وعدمها لما لم يكف فيه تلك الذات ، فلا بد فيه من سبب منفصل فتكون تلك الذات موقوفة على أحد هذين القسمين ، وكل واحد منهما موقوف على سبب منفصل ، والموقوف على الموقوف على الشيء ، يجب كونه موقوفا على الشيء ، فيلزم كون ذات الله تعالى موقوفة على سبب منفصل ، والموقوف على الغير ممكن لذاته ، فواجب الوجود لذاته ممكن الوجود لذاته ، وذلك محال. فيثبت : أن ذات الله تعالى لا تقبل الصفات الحادثة ، وأنه كما أن ذاته دائم لم يزل ولا يزال ، فكذلك صفاته دائمة لم تزل ولا تزال.
الحجة الرابعة : قال بعضهم : لو حدث صفة في ذات الله تعالى ، لزم