الفصل السابع عشر
في
أنه هل يصح إطلاقه لفظ الجوهر على الله تعالى أم لا؟
اعلم : أن الجوهر قد يذكر ويراد به أحد أمور أربعة : التفسير الأول : المتحيز الذي لا يقبل القسمة ، وهذا على قول من يثبت الجوهر الفرد ، ولما دللنا على أنه تعالى يمتنع أن يكون متحيزا ، وجب القطع بأنه ليس بجوهر. والتفسير الثاني : أن يقال : الجوهر هو الذات القابلة لتوارد الصفات المتضادة عليه ، وهذا إنما يعقل ثبوته إذا كانت الذات قابلة للصفات المتجددة المتعاقبة ، ولما دللنا على أن تعاقب الصفات على ذات الله تعالى محال ، امتنع أن يكون جوهرا ، بهذا الوجه. والتفسير الثالث للجوهر : إنه الماهية التي إذا وجدت في الأعيان كانت لا في موضع. وهذا المفهوم إنما يصدق على الشيء الذي تكون ماهيته غير وجوده ولما كان مذهب الشيخ أبي علي : أن وجود الله ـ تعالى ـ نفس ماهيته وليس صفة مغايرة لماهيته ، امتنع كونه تعالى جوهرا بهذا الوجه ، وأما عندنا فلما كان الجوهر ، هو أن وجود الله تعالى صفة قائمة بذاته المخصوصة كان جوهرا بهذا الوجه. والتفسير الرابع للجوهر : إنه الموجود والغني عن محل يحل فيه ، وأحق الأشياء بأن يكون جوهرا بهذا التفسير هو الله تعالى لأنه غني عن المحل الذي يحل فيه وعن الحيز الذي يحصل فيه ، وعن الفاعل الذي يوجده ، وعن الصورة التي تتممه ، فكان أحق الأشياء بالجوهرية بهذا هو الله تعالى.
ومن الناس من يعبر عن هذا المعنى بكونه قائما بالنفس ، [فيطلق على