الوجود لذاته (١)] أمرا مشتركا ، ويدخل تحت ذلك المشترك أشياء كثيرة. فنقول : ذلك المشترك إما أن يكون جنسا تحته أنواع ، أو يكون نوعا تحته أشخاص ، وطريق الحصر فيه أن نقول : الأشياء الداخلة تحت ذلك المشترك إما أن يخالف بعضها بعضا في الماهية أولا يكون كذلك. فإن كان الأول (٢) فهو جنس تحته أنواع [وإن كان الثاني فهو نوع تحته أشخاص فنقول : لا يجوز أن يكون واجب الوجود لذاته ، جنسا تحته أنواع (٣)] ويدل عليه وجوه : الأول : إن على هذا التقدير يكون كل واحد من تلك الأشياء مركبا من الجنس والفصل ، وكل مركب ممكن ، فواجب الوجود لذاته ، ممكن الوجود لذاته. هذا خلف. والثاني : إن الفصل سبب لوجود حصة النوع من الجنس ، فلو فرضنا هاهنا فصلا ، لكان ذلك الفصل سببا لوجود [واجب الوجود (٤)] لذاته. وذلك محال. لأن واجب الوجود لذاته ، يمتنع أن يحصل له وجودا آخر ، يكون ذلك الوجود من تأثيرات ذلك الفصل ، بخلاف سائر الماهيات الجنسية ، لأن تلك الماهيات ليست موجودة من حيث هي هي ، فأمكن أن يحصل الوجود لها بسبب ذلك الفصل ، أما وجوب الوجود فيستحيل أن يحصل له وجود آخر ، فامتنع كون الفصل مقوما له. والثالث : هو أن المفهوم من كونه واجب الوجود لذاته ، إن كان قائما بنفسه ، غنيا بذاته عن غيره ، امتنع كون الفصل سببا لقوامه ، وإن لم يكن قائما بنفسه ، لزم أن يكون المفهوم من الوجوب بالذات ، ممكنا بالذات ، محتاجا بالذات ، وذلك متناقض. وأما القسم الثاني وهو أن يقال : إن واجب الوجود لذاته نوع تحته أشخاص، فنقول : المقتضى لذلك الشخص المعين ، إن كان هو تلك الماهية أو شيء من لوازمها وجب أن يقال : إنه أينما حصلت تلك الماهية النوعية ، أن يحصل ذلك الشخص بعينه فكان واجب الوجود هو ذلك الشخص فقط ، وإن كان المقتضى لذلك الشخص سببا منفصلا ، فحينئذ يلزم أن لا يوجد ذلك المعين ، إلا
__________________
(١) من (و).
(٢) من (و).
(٣) من (و ، س).
(٤) من (س).