بسبب منفصل فيكون الواجب لذاته ، واجبا بغيره. وهو محال. فهذا هو الكلام المستقصى في تقرير هذه الوجوه.
ولقائل أن يقول : السؤال على ما ذكرتم من وجوه :
السؤال الأول : أن نقول : أنتم بنيتم كل هذه الوجوه على حرف واحد ، وهو أنا لو فرضنا موجودين يكون كل واحد منهما واجبا لذاته ، فإنه يلزم وقوع التركيب في ذات كل واحد منهما. فنقول : هذا ممنوع وذلك لأن هذا التركيب ، إنما يلزم إن كان الوجوب الذي به الاشتراك مفهوما ثبوتيا ، وكان التعين الذي به الامتياز مفهوما ثبوتيا ، وحينئذ يلزم التركيب وتستمر الشبه التي ذكرتموها. أما بتقدير أن يكون الوجوب الذي به المشاركة مفهوما عدميا ، فإنه لا يلزم التركيب ، لاحتمال أن يقال : إنه وقع الاشتراك في المفهوم السلبي ، ووقع الامتياز بتمام الماهية ، فنفتقر في تقرير هذا السؤال إلى بيان أمرين :
أحدهما : أن الوجوب مفهوم سلبي ، والثاني : أنه إذا كان الأمر كذلك ، لم يلزم وقوع التركيب.
أما المقام الأول : فيدل عليه وجوه :
الأول : إن كل ما صدق عليه أن وجوده ممتنع ، صدق عليه أن عدمه واجب. وعلى هذا التقدير فالوجوب محمول على العدم والمحمول على العدم يمتنع أن يكون موجودا [وإلا لزم قيام الصفة الموجودة بالعدم المحض ، والنفي الصرف. وإنه محال (١)] فيثبت بهذا : أن المفهوم من الوجوب يمتنع أن يكون أمرا موجودا.
الثاني : وهو أنه لو كان الوجوب أمرا ثبوتيا ، لكان إما أن يكون تمام تلك الحقيقة أو جزء منها أو أمرا خارجا عنها ، والأقسام الثلاثة باطلة فالقول بكون الوجوب مفهوما ثبوتيا : باطل.
أما أنه لا يجوز أن يكون تمام الماهية فلوجوه :
__________________
(١) من (س).