السلبية ، فإنه لا يلزم وقوع التركيب في الماهية ، فيلزم أن بتقدير وجود أشياء يكون كل واحد منها واجب الوجود لذاته ، فإن لا يلزم وقوع التركيب في ذات كل واحد منها [وهذا آخر الكلام في تقرير هذا المقام (١)]
السؤال الثاني : إن سلمنا أن المفهوم من وجوب الوجود بالذات أمر ثابت ، وسلمنا أن تلك الأشياء متباينة بتعيناتها ، فلم قلتم : إن تعين كل متعين أمر ثابت ، حتى يلزم عليه كون كل واحد من تلك الأشخاص مركبا في ذاته؟ فنفتقر هاهنا إلى بيان أن التعين ليس أمرا ثابتا ثم إلى بيان أنه متى كان الأمر كذلك ، لم يلزم وقوع التركيب. أما بيان أن التعين لا يجوز أن يكون أمرا ثابتا ، فيدل عليه وجوه :
الوجه الأول : إن التعين لو كان أمرا ثابتا ، لوجب أن يكون تعين هذا الشخص ، مغايرا لتعين ذلك الشخص الآخر إذ لو كان تعين هذا ، نفس تعين ذاك الآخر ، لكان هذا هو عين ذاك الآخر ، وذلك يمنع من حصول التعدد وإذا ثبت هذا فنقول : هذه التعينات المتعددة تكون متشاركة في الماهية المسماة بالتعين ، ومتباينة بتشخصاتها ، فيلزم أن يكون تعين التعين زائدا عليه. ويفضي إلى التسلسل [لكن القول بالتسلسل (٢)] يوجب القول [بوجود أسباب ومسببات لا نهاية لها. لأن تعين كل متعين ، علة ، لحصول ذلك المتعين. لكن القول بوجود أسباب ومسببات ، لا نهاية لها محال (٣)] فكان هذا محالا.
وهاهنا وجه آخر يدل على امتناع هذا وذاك وهو : إن كل كثرة فإن الواحد فيها موجود ، فلو حصلت هذه الكثرة ، لكان الواحد فيها حاصلا ، لكن أي شيء فرض كونه واحدا ، فذلك الواحد متعين ، فتعينه زائد عليه ، فلا يكون ذلك الواحد واحدا ،
وقد فرضناه كذلك. هذا خلف فيثبت : أن القول بأن التعين زائد على
__________________
(١) من (و).
(٢) من (س).
(٣) من (س).