الذات ، يفضى إلى هذا المحال ، فكان القول به باطلا.
ولا يقال : لم لا يجوز أن يقال : إنا إذا قلنا : هذا السواد. فهذا السواد إنما تعين لأنه انضافت ماهية السواد إلى ماهية التعين ، وكذلك انضافت ماهية التعين ، إلى ماهية السواد [فماهية السواد (١)] تعينت لانضمام ماهية التعين إليها ، وكذلك ماهية التعين إنما تعينت لانضمام ماهية السواد إليها ، وبهذا الطريق انقطع التسلسل؟ لأنا نقول : هذا باطل. لأن ماهية السواد ماهية كلية ، وماهية التعين ماهية كلية ، [والماهية الكلية (٢)] إذا تقيدت بماهية أخرى كلية ، كان الحاصل بعد ذلك يكون كليا لا شخصيا ، فلو كان الأمر كما ذكرتم ، لكان هذا السواد كليا ، لا شخصا معينا. وحيث لم يكن الأمر كذلك ، علمنا أن ما ذكرتموه باطل.
الوجه الثاني : في بيان أن التعين يمتنع كونه معنى زائدا على الذات : هو أنه لو كان معنى زائدا على الذات ، لكان هذا المتعين ليس شيئا واحدا بل شيئان أحدهما : ذلك الشيء. والثاني : تعينه ، وكل معين فتعينه زائدا عليه ، فيلزم أن يكون كل واحد منهما ليس شيئا [بل شيئين ، فعلى هذا التقدير لا يكون ذلك الشيء الواحد شيء واحدا] (٣) بل أشياء غير متناهية ولما كان ذلك محالا كان القول بأن التعين زائدا على الذات قولا باطلا.
والوجه الثالث : إن تعين هذا الشخص مغاير لتعين ذلك الشخص ، فلولا أن حصة [هذا الشخص] (٤) من ماهية السواد مباينة عن حصة الشخص الآخر من السواد ، وإلا لامتنع أن ينضاف هذا التعين إليه دون ذلك التعين. لأن انضاف شيء أجنبي إليه بعينه دون الآخر ، مشروط بامتيازه في نفسه عن الآخر ، فيلزم أن يكون إمكان انضاف هذا التعين إليه ، دون انضاف التعين الآخر إليه مسبوقا بحصول التعين فيه ، فيكون حصول الشيء مسبوقا بحصول
__________________
(١) من (س).
(٢) من (و).
(٣) من (س).
(٤) من (و ، س).