غير ذلك الشيء. وهذا محال. فكان القول بأن التعين أمر زائد على الذات باطلا.
الوجه الرابع : إن التعين لو كان مفهوما زائدا ثابتا ، لكان هذا التعين مركبا من جزءين. وكل واحد من هذين الجزءين ، إن كان واجبا لذاته ، صار واجب الوجود أكثر من واحد ، وأنتم إنما تذكرون هذه الدلائل لإبطاله ، وإن لم يكن كذلك ، فحينئذ يلزم القول بكون أحد هذين الجزءين ممكنا لذاته [وما يكون أحد أجزائه ممكنا لذاته] (١) كان ذلك المركب أولى بالإمكان ، فيلزم أن يكون كل ذات معينة مشخصة في الوجود أن تكون ممكنة لذاتها. وهذا يقتضي أن لا يحصل في الوجود موجود معين ، يكون هو في نفسه واجب الوجود ، وذلك محال.
الوجه الخامس : إنه لا معنى للتعين إلا أن هذا الشيء ليس هو ذلك الآخر. ومعلوم أن هذا المفهوم سلب محض. ولا يقال : الدليل على أن التعين مفهوم ثبوتي : هو أنا نبين أنه مفهوم زائد على أصل الماهية ، ثم نبين أن ذلك الزائد يجب أن يكون أمرا ثابتا.
أما الذي يدل على أنه مفهوم زائد على أصل الماهية وجوه :
الأول : إنه لو كان لا فرق بين السواد وبين هذا السواد [لكان متى حصل السواد فقد حصل هذا السواد] (٢) ومعلوم أن ذلك باطل فيثبت أن قولنا : هذا السواد قد اشتمل على قيد ، لم يحصل في قولنا : السواد.
[الثاني : إن قولنا : السواد (٣)] ماهية لا يمنع نفس مفهومها عند وقوع الشركة فيها [وقولنا : هذا السواد يمنع عن وقوع الشركة فيها] (٤) ولو لا التفاوت في الحقيقة ، وإلا لما حصل هذا التفاوت في هذا الحكم ، ولا شك أن
__________________
(١) من (س).
(٢) من (س).
(٣) من (س).
(٤) من (س).