الدليل المذكور في توحيد واجب الوجود مشكوكا ، لأن الموقوف على المشكوك مشكوك.
السؤال الثالث : سلمنا أن وجوب الوجود ، مفهوم ثابت ، وأن التعين مفهوم ثابت ، إلا أنا نقول : والكثرة التي التزمتموها لازمة على القول بوحدة واجب الوجود ، وإذا كان هذا المحذور لازما ، سواء قلنا بتوحيد واجب الوجود أم لم نقل به فحينئذ يسقط هذا الاستدلال.
وإنما قلنا : إنه لازم مع القول بتوحيد واجب الوجود لوجوه :
الأول : إن المبدأ الأول ليس عبارة عن محض وجوب الوجود ، الذي هو ماهية كلية [لا يمنع نفس مفهومها عن وقوع الشركة فيها. لأن الماهية الكلية (١)] لا وجود لها في الأعيان البتة بل الموجود في الأعيان ذات معينة موصوفة بكونها واجبة الوجود ، فيكون ذلك التعين زائد على ماهية وجوب الوجود ، وذلك التعين لا بد وأن يكون صفة ، فيكون ذلك التعين زائد على ماهية وجوب الوجود ، وذلك التعين لا بد وأن يكون صفة لواجب الوجود، والصفة مفتقرة إلى الموصوف ، والمفتقر إلى الغير ممكن لذاته ، فذلك التعين ممكن لذاته ، وهو معلول بوجوب الوجود ، فيلزم أن تكون الذات المعينة مركبة من جزءين أحدهما ممكن لذاته. والذي يكون جزء ماهيته لذاته ، كان هو بالإمكان أولى ، فيلزم أن تكون تلك الذات المعينة ممكنة الوجود لذاتها ، فعلى هذا كل ما هو موجود في الأعيان فهو ممكن لذاته ، فينعكس انعكاس النقيض : إن كل ما لا يكون ممكنا لذاته ، فهو ليس بموجود في الأعيان. فيثبت : أن الإلزام الذي أوردتموه على القول بكثرة واجب الوجود لذاته هو بعينه قائم مع القول بوحدة واجب الوجود لذاته.
الثاني : وهو إن مدار كلامكم على أنه لو كان واجب الوجود أكثر من واحد ، لكان كل واحد منهما مركبا من الوجوب الذي به يشارك غيره ومن التعين الذي به يمتاز عن غيره، ثم إن كان الوجوب علة [لذلك التعين ، فكل
__________________
(١) من (و).