الدليل. وكل شيء يفضى ثبوته إلى نفيه ، أو نفيه إلى ثبوته كان باطلا ، فوجب أن يكون هذا الكلام باطلا.
الثاني : وهو أن تعلق إرادة كل واحد منهما بذلك الفعل المعين ، حكم ثبت من الأزل ، والأزل لا يجوز زواله ، فوجب أن لا تبطل تلك الإرادة.
الثالث : إنه لما أراد هذا شيئا ، وأراد الثاني ضده. ثم عجزا عن تحصيل مراديهما ، عند الاجتماع. كان هذا العاجز أقوى ، والضعيف أكمل (١)
فهذا تمام الكلام في تقرير هذا المقام. لأنا نقول : مدار هذا الكلام على أن كل حكم يصح حصوله عند الانفراد ، وجب أن يبقى صحيحا ممكنا عند الاجتماع. فنقول : وهذا باطل بدليل : أن هذا عند الانفراد قادر على تحصيل مراده ، وذلك عند الانفراد أيضا قادر على تحصيل مراده ، وأما عند الاجتماع فلم يبقيا على هذه الحالة ، فيثبت أنه لا يلزم من حصول حكم حال الانفراد ، إمكان حصوله حال الاجتماع ، فظهر سقوط هذا الكلام.
السؤال الثاني : إن دل ما ذكرتم على أن حصول المخالفة بينهما جائز ، إلا أنه حصل عندنا وجوه دالة على امتناع ذلك.
فالوجه الأول : إن كل واحد منهما يجب أن يكون عالما بجميع المعلومات ، ومن المعلوم بالضرورة أنه لا بد وأن يكون الواقع أحد القسمين إما الحركة وإما السكون ، وإذا كان الأمر كذلك ، كان كل واحد من الإلهين عالما بأن الداخل في الوجود هو ذلك القسم ، والإرادة يجب أن تكون على وفق العلم ، لأن خلاف المعلوم محال الوقوع. وما كان محال الوقوع امتنع أن يكون مرادا ، مع العلم بكونه محال الوقوع ، وإذا كان كل واحد منهما عالما بأنه لا يقع إلا ذلك الشيء ، وثبت أن ذلك يوجب الاتحاد في الإرادة ، فحينئذ يظهر أن المخالفة بينهما في الإرادة ممتنعة.
__________________
(١) العبارة من (س) وفي (و) : براديهما [كان ذلك عجزا ، فلما صار الاجتماع مانعا لهما عن المخالفة في الإرادة] كان هذا العاجز أقوى والضعيف أكمل. وما بين القوسين من (و) ..