الوجه الثاني : وهو أنه إما أن يكون أحد الجانبين أرجح في كونه مصلحة من الجانب الآخر ، أو لا يكون. فإن كان أحد الجانبين أرجح كان كل واحد من الإلهين عالما بذلك الرجحان ، فوجب أن يكون كل واحد منهما مريدا لذلك الجانب.
وعلى هذا التقدير فإنه يمتنع اختلافهما في الإرادة ، وأما إن لم يكن أحد الجانبين أرجح ، فحينئذ يكون كل واحد منهما عالما بحصول المساواة في الطرفين ، والفعل بدون المرجح محال ، فحينئذ يكون كل واحد منهما عالما بأن الترجيح محال هاهنا. ومع هذا العلم يمتنع أن يريد ترجيحه. فيثبت أن على جميع التقديرات يمتنع أن يخالف أحد الإلهين الثاني في القصد والإرادة.
الثالث : إن علم كل واحد منهما بأنه لو حاول المخالفة لتعذر عليه تنفيذ مراده يمنعه من إرادة المخالفة. فهذه الوجوه الثلاثة دالة على امتناع حصول المخالفة بينهما.
السؤال الثالث : سلمنا صحة المخالفة بينهما إلا أن المحاولات المذكورة ، إنما تلزم من حصول المخالفة ، لا من مجرد إمكان حصول المخالفة. فهب إنكم دللتم على إمكان حصول المخالفة ، إلا أنكم ما لم تذكروا الدليل على حصول المخالفة لم يتم دليلكم.
السؤال الرابع : لم لا يجوز أن يتعذر على كل واحد منهما تحصيل [مراده؟ قوله : «المانع لكل واحد منهما عن تحصيل مراده ، هو حصول مراد الثاني ، فلو امتنع المرادان معا ، لوجب حصول (١) المرادين معا. وأنه باطل» قلنا : لم لا يجوز أن يقال : المانع لكل واحد منهما عن تحصيل مراده ، علمه بأنه لو حال تحصيل مراده ، يمنعه الآخر منه. فهذا العلم هو المانع فقط ، وحينئذ لا يلزم المحذور المذكور؟
السؤال الخامس : لم لا يجوز أن يقال : يقع مراد أحدهما دون الآخر؟
__________________
(١) من (و) وفي (و) المرادان معا ، وأنه.