فيثبت : أنه تعالى ما كان قادرا على الإيجاد والتكوين في الأزل البتة. وإذا كان هذا غير ممتنع ، فكيف يمتنع أن يعجز عن فعل واحد ، من وقت واحد؟
السؤال السادس : إن هذا التقسيم إن صح لزم أن لا يقدر العبد على الفعل أصلا ، وهذا محال [فذاك محال (١)] بيان الملازمة : وهو أن العبد لو كان قادرا على الإيجاد والتكوين ، فإذا اتفق أن الله أراد تحريك جسم ، وقصد العبد إلى تسكينه فإما أن يقع المرادان معا وهو محال [أولا يقع واحد منهما وهو أيضا محال (٢)] لعين ما ذكرتم من الدليل. وإما أن يقع أحدهما دون الثاني ، وهذا أيضا محال. وذلك لأنا وإن قلنا : إن الله تعالى [كان (٣)] قادرا على ما لا نهاية له ، وكان العبد لا يقدر إلا على المتناهي ، إلا أن قدرة الباري على تحريك الجوهر الواحد يمتنع أن تكون أقوى وأكمل من قدرة العبد على تسكين ذلك الجوهر لأن الجوهر الفرد لا يقبل القسمة (٤) فحركته وسكونه أيضا لا يقبل القسمة (٥) وإذا كانت هذه الحركة وهذا السكون غير قابلين للتفاوت والقسمة ، امتنع وقوع التفاوت في القدرة عليهما ، فالباري تعالى قادر على ما لا نهاية له من المقدورات والعبد لا قدرة له إلّا على المتناهي. إلا أن وقوع ذلك التفاوت في كيفية القدرة على ذلك المتناهي محال.
إذا ثبت هذا فنقول : لو وقع مراد الله تعالى دون مراد العبد مع أنا بينا أن القدرة عليها لا تقبل التفاوت أصلا ، فحينئذ يلزم رجحان الممكن لا لمرجح وهو محال. فيثبت : أن هذا التقسيم لو صح لوجب أن لا يكون العبد قادرا على الإيجاد والتكوين. وإنما قلنا : إن ذلك محال. وذلك لأن حسن المدح والذم [معلوم بالضرورة ثم علمنا أن من أحسن الذم والمدح (٦)] فرع على كون
__________________
(١) من (و ، س).
(٢) من (و).
(٣) زيادة.
(٤) القسمة (و ، س).
(٥) القسمة (س) الحركة (و).
(٦) من (و).