المعلومات ، فحينئذ يكون علم كل واحد منهما متعلقا بعين ما تعلق به علم الثاني ، وكل علمين تعلقا بمعلوم واحد على وجه واحد فهما مثلان ، فيلزم أن يكون علم كل واحد منهما مثلا لعلم الآخر ، وكل ما صح على الشيء ، صح على مثله ، فكما صح على هذا العلم أن يكون قائما بهذه الذات ، فكذلك وجب أن يصح على العلم القائم بالثاني ، أن يكون قائما بالأول ، فيثبت أن كل واحد من هذين العلمين ، يصح قيامه بكل واحد منهما بدلا عن الآخر.
وإذا كان الأمر كذلك كان اختصاص هذه الذات بهذا العلم دون الذات الأخرى وجب أن يكون بتخصيص [مخصص (١)] وجعل جاعل ، وكل ما حصل بالفاعل الجاعل ، كان حادثا ، فلزم أن يكون علم الله محدثا ، وأن تكون قدرته محدثة ، وكل ما كان كذلك امتنع كونه إلها. فيثبت : أن القول بوجود الإلهين يفضي إلى هذه المحالات ، فوجب أن يكون محالا. وفي تقرير هذه الحجة وتزييفها أبحاث كثيرة غامضة.
الحجة الرابعة : قالوا : لو فرضنا إلهين ، لامتنع أن يمتاز أحدهما عن الآخر بالزمان ، لأنهما قديمان ، وبالمكان لما ثبت أن الإله يجب أن يكون منزها عن الحجمية والمكان ، وإذا لم يحصل الامتياز بينهما ، وجب أن لا يبقى التعدد وقيل عليه : لم لا يجوز أن يتميز أحدهما على الآخر بالماهية والحقيقة؟ ألا ترى أنه إذا حلّ في الجوهر الواحد علم وقدرة ، فإنه لم يحصل الامتياز بينهما لا بالزمان ولا بالمكان ولا بالمحل ، ولكن حصل الامتياز بينهما بالماهية والحقيقة. فلم لا يجوز أن يكون الأمر هاهنا كذلك؟ وأجيب عنه : بأنه لو وجد إلهان لامتنع أن يمتاز أحدهما عن الآخر بالزمان لأنهما قديمان وبالمكان لأنهما من الصفات ، وإما أن لا يكون كذلك. فإن حصل الامتياز بينهما بأمر من الأمور ، فذاك الأمر إما أن يكون معتبرا في تحقق الإلهية ، وإما أن لا يكون كذلك ، فإن كان ذلك الأمر معتبرا في الإلهية [فالذي لم يحصل له ذلك الأمر ، وجب أن لا
__________________
(١) من (س).