كذلك ، علمنا أن نفس تصور هذا المعنى غير مانع من الشركة.
إذا ثبت هذا فنقول : إما أن يقال : قارنه مفهوم آخر ، يمنع من هذه الشركة ، أو لم يقارنه ذلك. والأول باطل لأن ذلك المقارن إما أن يكون ماهية من الماهيات أو لا يكون كذلك. فإن كان الأول فتلك الماهية من حيث انها ماهية تكون محتملة للشركة. فإذا قيدنا ماهية وجوب الوجود بهذه الماهية الثانية ، كان الحاصل [أيضا ماهية كلية لأن الكلي إذا تقيد بالكلي ، كان الحاصل (١)] منهما كليا أيضا. والكلي لا يمنع من احتمال الشركة. وأما إن قلنا : إن هذا المقارن ليس له ماهية ولا حقيقة أصلا ، امتنع كونه مقارنا لشيء آخر.
هذا إذا قلنا : إن مفهوم وجوب الوجود بالذات قارنه ما صار مانعا من الشركة ، وأما إذا لم يقارنه شيء أصلا. فنقول : تلك الماهية كانت محتملة للشركة ، ولم يقارنه ما يمنع من هذه الشركة ، وهذا يقتضي أن تكون هذه الشركة غير ممتنعة أصلا ، وإذا لم تكن ممتنعة ، فهي إما ممكنة بالإمكان الخاص ، فحينئذ [لا يكون شيء منها واجب الوجود لذاته ، فحينئذ (٢)] لا تكون الكثرة واقعة في الأشياء التي يكون كل واحد منها واجب الوجود لذاته، قد فرضنا أن الأمر كذلك. هذا خلف. وإذا بطل كون تلك الأشياء ممكنة بالإمكان الخاص ثبت كونها واجبة الوجود لذواتها. وهذا يقتضي وجود أشياء يكون كل واحد منها واجب الوجود لذاته.
الحجة الثالثة : إن أقل مرتبة من مراتب الوجود وأشدها نقصانا هو الواحد ، فلو كان واجب الوجود لذاته ليس إلا الواحد ، لوجب أن يكون في نهاية القلة والنقص ، وذلك محال.
والجواب عن الشبهة الأولى : أن نقول : الإله الخير إن لم يقدر على دفع الشرير عن الشر ، فهو ناقص حقير ، ولا يصلح للإلهية ، وإن كان قادرا
__________________
(١) من (و).
(٢) من (و).