الثالث : [كل متحيز] (١) فإنه يشارك سائر المتحيزات في كونه متحيزا ، ويخالفها بتعينه ، وما به المشاركة غير ما به المخالفة ، فوجب أن يكون كل فرد من أفراد المتحيزات مركبا من عموم التحيز ، الذي به المشاركة ، ومن ذلك التعين الذي به المخالفة.
فيثبت بهذه الوجوه الثلاثة : أن كل متحيز مركب.
أما بيان أن كل مركب فهو ممكن. فلأن كل مركب فإنه مفتقر إلى حيزه ، وحيزه غيره ، فكل مركب فإنه مفتقر إلى غيره ، وكل مفتقر إلى غيره ، فهو ممكن لذاته ، ينتج أن كل مركب ممكن لذاته. فقد بان : أن كل جسم [مركب ، وينج أن كل جسم ممكن لذاته ، فيثبت : أنه لا شيء من واجب الوجود (٢)] ممكن لذاته. فيثبت : أن كل جسم ممكن لذاته، ينتج أنه لا شيء من واجب الوجود لذاته بجسم. وهو المطلوب.
الحجة الثانية : لو كان متحيزا لكان مثلا لسائر المتحيزات [في تمام الماهية وهذا محال فذاك محال. بيان الأول : أنه لو كان متحيزا ، لكان مساويا لسائر المتحيزات (٣)] في كونه متحيزا. ثم بعد هذا لا يخلو إما أن يقال : إنه يخالف سائر الأجسام في شيء من مقومات ماهيته ، وإما أن لا يكون كذلك ، والأول باطل ، فيبقى الثاني. وإنما قلنا : إن الأول باطل، لأنه إذا كان مساويا لسائر المتحيزات في كونه متحيزا ، ومخالفا لها في شيء من مقومات تلك الماهية. وما به المشاركة غير ما به المخالفة ، فكان عموم كونه متحيزا مغايرا لتلك الخصوصية التي وقعت بها المخالفة. إذا ثبت هذا فنقول : هذان الأمران إما أن يكون كل واحد منهما صفة للآخر وإما أن لا يكون كل واحد منهما صفة للآخر. وإما أن يكون ما به المخالفة موصوفا ، والمتحيز الذي به المشاركة صفة. وإما أن يكون بالعكس منه ، وهو أن يكون المتحيز موصوفا ، وما به المخالفة يكون صفة.
__________________
(١) من (س).
(٢) من (س).
(٣) من (و).