العقلاء بأنه في حجم الجوهر الفرد ، وإذا كان جسما كان مركبا من الأجزاء ، فإما أن يكون الموصوف بالعلم والقدرة والصفات المعتبرة في الإلهية : جزءا واحدا من تلك الأجزاء ، وإما أن يكون الموصوف بتلك الصفات مجموع تلك الأجزاء. فإن كان الأول كان الإله هو ذلك الجزء الواحد ، منفردا (١) فيعود الأمر إلى ما ذكرناه من أن الإله يكون في حجم الجوهر الفرد، وإن كان الثاني فنقول : إما أن تقوم الصفة الواحدة بجميع تلك الأجزاء ، وإما أن تتوزع أجزاء تلك الصفة على تلك الأجزاء ، وإما أن يقوم بكل واحد من تلك الأجزاء علم على حدة وقدرة على حدة ، والأول باطل. لأن قيام الصفة الواحدة بالمحال الكثيرة غير معقول والثاني محال لأن كون العلم قابلا للقسمة محال على ما بيناه في مسألة إثبات النفس. والثالث أيضا محال ، لأنه يلزم كون كل واحد من تلك الأجزاء موصوفا بجملة الصفات المعتبرة في الإلهية. وذلك يوجب تعدد الآلهة ، وذلك محال. فإن قيل : ما ذكرتموه من الدليل قائم في الانسان ، فإن مجموع بدنه لا شك أنه مركب من الأجزاء الكثيرة ، فيلزم أن يقوم بكل واحد من تلك الأجزاء علم على حدة ، وقدرة على حدة ، فيلزم أن يكون الإنسان الواحد علماء ، قادرين كثيرين. وذلك باطل. قلنا : أما الفلاسفة فقد طردوا قولهم في الكل وزعموا : أن الموصوف بالعلم والقدرة هو النفس لا الجسم ، وإلا لزم هذا المحال.
وأما الأشعري فإنه التزم كون كل واحد من أجزاء الإنسان عالما قادرا حيا ، وذلك في غاية البعد ، إلا أن التزامه وإن كان بعيدا ، لكن لا يلزم منه محال ، أما التزام ذلك في حق الله تعالى ، فهو محال. لأنه يوجب القول بتعدد الآلهة. [وهو محال (٢)].
الحجة السابعة : لو كان جسما لكان إما أن تكون الحركة جائزة عليه ، وإما أن لا تكون. والقسمان باطلان فالقول بكونه متحيزا باطل. بيان أن الحركة ممتنعة عليه : أنه لو جاز في الجسم الذي تصح الحركة عليه أن يكون إلها
__________________
(١) منفردا (س).
(٢) من (س).