مجرد كونه خلاء صرفا. وفضاء صرفا. وإذا كانت الأجزاء المفترضة فيها متشابهة ، فلو وجب حصول ذات في واحد منها ، لوجب حصولها في جميع تلك الأحياز [وحينئذ يلزم حصول ذات الواحد في جميع الأحياز (١)] دفعة واحدة. وذلك محال. فإن قالوا : لم لا يجوز أن يقال: إن الأجزاء المفترضة ، يخالف بعضها بعضا ، بسبب أن بعضها فوق ، وبعضها تحت. والله تعالى يجب حصوله في الفوق ، ويمتنع حصوله في التحت؟ فنقول : الفوق أو التحت إنما يظهر بعد خلق العالم ، فأما قبل خلق العالم ، فليس هناك فوق ولا تحت ، ولا يتميز جانب في الخلاء الذي لا نهاية له ، عن جانب آخر بشيء من الخواص والصفات البتة. [وأيضا : أجزاء الفضاء متشابهة في كونها فضاء صرفا ، وخلاء محضا (٢)] فنقول : لو اختلفت في شيء من الخواص والصفات ، لكان المقتضي لتلك الخاصية المعينة أما أن يكون هو نفس طبيعة الفضاء والخلاء ، فيلزم أن يكون ما به الاشتراك علة لما به الامتياز ، وذلك محال. وإما أن يكون المقتضي هو الشيء الذي يكون محلا لذلك الخلاء والفضاء وذلك أيضا محال لأنا بينا : أن طبيعة البعد والامتداد ، يمتنع أن تكون صفة قائمة بذات أخرى. وأيضا : فعلى هذا التقدير يكون الخلاء جسما لا معنى ، لأنه لا معنى للجسم إلا البعد الحال في المادة ، وإما أن يكون المقتضي هو الذي يكون حالا في ذلك البعد. وحينئذ يعود التقسيم المذكور في المقتضي لذلك الأمر ، وإن كان لأمر آخر ، لزم التسلسل وهو محال. فيثبت بهذا البرهان : أنه يمتنع أن يقع الاختلاف بين أجزاء الخلاء والفضاء. وحينئذ يحصل المقصود.
والوجه الثالث في بيان أنه يمتنع كون ذات الله حاصلة في حيز معين على سبيل الوجوب : أنه لو حصل في حيز معين مع أنه يمتنع عليه أن ينتقل من ذلك الحيز إلى حيز آخر ، لزم أن يقال : إنه كالزمن المقعد ، العاجز (٣) عن
__________________
(١) من (و).
(٢) من (و).
(٣) في (س) بعد كلمة المقعد : باطل غير ملتفت إليه. وهذه العبارة في الفصل السابع ، في الجواب عن الشبهة الأولى والثانية. ونهاية القوس : بعد كلام طويل ، سنشير إليه في نهاية الكلام.